دعا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي خلال عظة الاحد في الديمان إلى التفاهم بين الجميع، والخروج من المواقف المتصلبة، وبت الأمور الخلافية بروح العدالة والإنصاف، واضعين مصلحة البلاد والخير العام فوق كلّ اعتبار، ومتجنبين أيّ صدامٍ مذهبي. يعيب على كل فريقٍ سياسي عندنا إدعاؤه بأنه وحده على حقّ، فيما لا يلتقي اثنان على حقّ جامع. ذلك أنّهم لا يعودون إلى مرجعية أساسية ومطلقة تُقاس عليها حقائقُهم النسبية"، مشيراً الى ان "هذه المرجعية هي الدولة ومؤسساتُها الدستورية وعلى رأسها رئاسةُ الجمهورية والخيرُ العام وشؤونُ الشعب اللبناني"، مضيفاً "ويعيبُ أيضًا تفسيرُ كلّ صاحبِ نفوذٍ أو كلّ فريقٍ سياسيّ لمواد الدستور على هواه، سواء من منظار مصالحه أم لتغطية مخالفته للدستور. ولكن، توجد أصولٌ لتفسير الدستور والقوانين يتناقلها التعليمُ القانوني والاجتهادُ القضائي على مدى الأجيال، وتُختصر بقاعدتَين أساسيتَين: "الأولى، وجوب فهم الدستور والشرائع وفقًا لمعنى الكلمات الخاصّ، وفي إطار النصّ الكامل، والثانية، إذا ظلّ المعنى في حالة شّك أو غموض، فيُفهم وفقًا للمواد المتوازية، إذا ما وُجدت، ووفقًا لغاية الشريعة وظروفها، ونية المشترع".  

وأضاف الراعي "نحن كبطريركية فيما يختصّ بنا، من أجل الخروج من الأزمتين السياسية والاقتصادية، واستعدادًا للاحتفال بإعلان لبنان الكبير المستقلّ بعد خمس سنوات، وضعنا مذكّرتَين، وُصفتا بخريطة طريق، وقُبلتا من المجتمع المدني والسياسي بارتياح، وهما المذكّرة الوطنية في 9 شباط 2014، والمذكِّرة الاقتصادية في 25 أذار 2015"، داعياً السلطاتِ السياسية "للاستفادة منهما، واستلهامِ الحلولِ للأزمة المزدوجة الخانقة: الأزمةُ السياسية التي تهدّدُ بشلل المؤسّسات الدستورية وكيانِ الدولة، والأزمةُ الاقتصادية التي تهدّد بانهيار الحياة المعيشية والاجتماعية، وبتزايد عدد الفقراء والبؤساء في بلدٍ كان أرضَ البحبوحة".

  وقال: "لكننا نعود ونكرر، في خط هاتين المذكرتين، أولويةً أساسية هي وجوبُ انتخاب رئيس للجمهورية مهما كلّف الأمر، قبل أي اعتبار آخر، لكي تستعيدَ المؤسساتُ الدستورية شرعيتَها وإمكانيةَ ممارسة صلاحياتها، وإلا بتنا نشبه رجلًا بنى بيته من دون سقفٍ وراح يهتمّ بجلب أثاثه ويباشر بأعمال هندسته الداخلية. لكن البيت من دون سقف يحمي، فيتبدّد ويتعطّل كلُّ شيء. رئيسُ الجمهورية هو سقفُ الدولة ومؤسساتِها ولا يتحمّلُ انتخابُه أيَّ تأجيل، وإلّا تبدّدَ وتفكّكَ كلُّ شيء".  

وراى انه "بات من واجبِ كل فريقٍ سياسيٍّ عندنا أن يعين مرشحَه النهائي المقبول من الآخر، على ألّا يكون مرشّحَ تحد يُفرض فرضًا. ومن واجبِ كل مرشّحٍ أن يقدمَ للرأي العام برنامجَه الرئاسي، هذا ما يفرضه النظام اللبناني الديموقراطي البرلماني"، مذكرةً بأن "دعاةَ التمديد للمجلس النيابي في المرة الثانية، قطعوا على أنفسهم العهدَ بمباشرة انتخاب رئيس للجمهورية ثمّ وضعِ قانون للانتخابات النيابية، وإجرائها في غضون ستّة اشهر، فكانت خيبةُ أمل كبيرة، إذ لم يتمّ شيءٌ من ذلك، والسنةُ تمر تتلو السنة سدًى من دون أي مبادرة فعليّة ذات قيمة من أحد".