لبنان هو الملف الأسهل على الحل.. عند أوان التسويات في المنطقة. إذ إن هذا الضجيج الداخلي هو لعب في الوقت الضائع بأقل قدر ممكن من المخاطر. ذلك أن الهدف اليوم هو الإبقاء على الوضع تحت السيطرة، أمنياً واقتصادياً، حتى يحين موعد الصعود في قطار التسوية الداخلية بإرادة دولية، تماماً كما حصل بعد اتفاق الطائف ومن ثم بعد الدوحة. وصياغة الحل ستكون في إحدى عواصم القرار الخمس.
هذه هي خلاصة أكثر من مصدر ديبلوماسي لدى تناوله الملفات المأزومة في المنطقة، وفق "السفير"، في ظل القناعة بأن التصعيد في المواقف السياسية والتعبوية مرتبط بحسم الخارج، وتحديداً المجموعة الدولية، بشأن الاستحقاق الرئاسي، بحيث تم إسقاط أي احتمال لإمكانية إنتاج رئيس جمهورية من لائحة ما يسمى بالأقوياء لتعذّر فرض ذلك على القوى التي يتشكل منها المجلس النيابي.


وما تسرّب من معطيات يفيد بطرح أفكار مرتبطة بخيار "الرئيس التقني" الممسك بملف المرحلة ومقتضياتها الشديدة الخطورة، أو تلك التي ستنشأ حكماً في حال الانتقال من مرحلة الإيغال في الصراع الدموي والمذهبي في المنطقة الى مرحلة إنتاج تسوية، الأمر الذي يحتم تظهير شخصية لا تشكل تحدياً مباشراً لأي من الفرقاء، بما يؤهلها لإدارة مرحلة انتقالية صار لبنان بحاجة ملحة الى الدخول الفعلي فيها لإنتاج تفاهم جديد على أساس العقد الاجتماعي القائم، بما يؤمن شراكة فعلية وتوازناً في عملية إدارة الشأن العام.


وثمة معلومات تفيد أن الجانب الروسي، وهو أحد أركان مجموعة الدعم الدولية للبنان التي تشكل مظلة أمان حتى الآن على البلد، دخل على خط الاستحقاق الرئاسي بقوة، ويبدو أن هناك ضوءاً أخضر أميركياً، لاتصالات روسية مع العواصم العربية والإقليمية المعنية، خصوصاً السعودية وإيران، ومع الاتحاد الأوروبي ممثلا بفرنسا.
وتتناول الاتصالات الأسماء المرشحة التي يمكن أن تحظى بإجماع ووفاق مقبول، مع استبعاد أسماء مستفزّة لفرقاء أساسيين ليس بالإمكان إمرار انتخابات رئاسة الجمهورية من دونهم، على ان لا تتجاوز اللائحة في النهاية أربعة أسماء سيؤتى بها الى مجلس النواب عندما يحين أوان الظرف الإقليمي، فيسقط اسمان منها في جولة الاقتراع الاولى لتنحصر المنافسة في الاسمين المتبقيين حيث يحتاج أحدهما الى النصف زائداً واحداً في دورة الاقتراع الثانية، لأنه، قياساً الى المواقف الحالية من التطورات السياسية على الصعيد الحكومي، يمكن بسهولة تأمين نصاب الثلثين لجلسة الانتخاب.


وتكشف معلومات "السفير" انه خلال الزيارة الاخيرة لولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع محمد بن سلمان الى موسكو، تمنى على موسكو في سياق بحث الأوضاع في المنطقة، ممارسة الضغط على إيران من أجل تسهيل الانتخابات الرئاسية في لبنان، وأبلغ الجانب الروسي الى محمد بن سلمان أنه سيباشر ذلك من دون ان يفصح عن السعي الى تركيب لائحة من أسماء ممكن ان ينتخب أحدها رئيساً للجمهورية، مع ملاحظة ان اللائحة لن تضم الأسماء البارزة على المستوى السياسي وسيغلب عليها البعد التقني، لأن الروس يعرفون تماماً أنه لإجراء الانتخابات الرئاسية ولتأمين عملية الانتخاب، لا يمكن ان تتضمن اللائحة اسماً يضع عليه مكون أساس فيتو، من دون ان يعني ذلك موقفاً دولياً مناهضاً لأي من الشخصيات التي لا تحظى بالإجماع، انما الاعتبار الاساس هو مجاراة الواقع السياسي.
وثمة آمال ممكنة روسياً ودولياً، بأن يتم التفاهم على انتخاب واحد من الأسماء المقبولة قبل نهاية العام الحالي.