إن ظاهرة تجنيد الأطفال وإعدادهم إرهابياً ، تعدّ من أخطر الظواهر التي يشهدها العالم العربي بشكل عام ، حيث أنّ تحويل فكر الأطفال إلى فكر جهادي يجعلنا نرفع سقف الخطر إلى أعلاهوالإتجاه للطفولة في مشروع الحرب والترهيب من قبل التنظيمات ليس من باب الصدفة بل هو "تكتيك ذكي" ، لسهولة التأثير عليهم ، أو بمعنى أوضح يسهل "اللعب بعقلهن".

لذلك إتخذت الجماعات المتطرفة من هذه الفئة هدفاً لها ، لأنها " عجينة سهلة التشكيل " ، وبإمكانها بحد أدنى من المغريات بث الأفكار المتطرفة في العقول ، فضلاً عن أنّ تربيتهم على القتل والتكفير منذ الصغر ، وتشريبهم ما يريدون من أفكار و توجهات ، يضمن لهذه الجماعات "أتباع دائمين"  ولا يختلف إثنان أنّ مفهوم "الطفولة " سقط بفعل الجرائم التي تحصل في جميع البلدان العربية والغربية حيث أنهم أصبحوا جزءاً لا يتجزأ من كل حرب داخلية وخارجية ، فخسروا الأمان والعائلة واللعب والأصدقاء ، وباتوا تحت وطأة "غسل الدماغ"  كما وأنّ عمليات تجنيد الأطفال ليست وليدة الساعة ، بل لها تاريخ يعود لتنظيم القاعدة الذي سخّر كلّ طاقته على هذا الشأن حيث أقام معسكرات عدة ، وتجربة القاعدة الوحشية بإستهداف الطفولة لاقت نجاحاً ورواجاً كبيرين .

ولذا نراها تعاقبت مع الجماعات الإسلامية التي تقيم أكثر من سبع معسكرات خاصة بتدريب الأطفال للقتال في سوريا والعراق ، و ترى هذه الجماعات في الأطفال "مستقبلاً يجب العمل عليه "وأن "ولاء الأطفال يكون كبيراً " ، ويمكن توجيهه وتغذيته كما يمكن تجهيز الكثير من الإنتحاريين من هذه العجينة السهلة التشكيل حيث أنهم لا يعاملون هؤلاء على أنهم أطفال بل يعاملونهم على أنهم مكلفون شرعاً بكل فرائض الإسلام بما فيها الجهاد. لذلك لا يرون في دفعهم إلى ساحات المعارك والإشتباكات "خطيئة" وإنما من منظورهم هو "حق شرعي " ، وهذا ما يجعل التهديد الذي يحدق بالأطفال في مناطق سيطرة داعش وغيرها مضاعف لأنه تحت غطاء "الفتاوى الشرعية المفبركة".

 ومن الأمثلة على تجنيد الأطفال ما اوردته السومرية نيوز عن قيام طفل يبلغ من العمر نحو 10 سنوات ذو ملامح اسيوية بتنفيذ حكم الإعدام بمدرس مسن معتقل لدي داعش منذ اسابيع عدة بسبب رفضه افكار التنظيم في احدى الشوارع الرئيسة بعد اطلاق النار على رأسه من الخلف. وهذا الأمر لا يتوقف عند الجماعات الجهادية المتطرفة بل له إنتشار في إيران أيضاً ، حيث أنَها أقامت في شمال شرقها برنامجاً للتدريب القتالي للأطفال تحت عنوان "مدينة الألعاب القرآنية والمقاومة "، تحت إشراف رجال الدين لتهيئتهم للقتال مستقبلاً مثلما يفعل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا ، والهدف الإيراني من هذه الخطوة هو تعريف الأطفال على مفاهيم المقاومة والحرب والدفاع المقدس ، ومعرفة العدو ومحاسبته ، حيث أنّهم يتدربون على فنون القتال مرتديين الزي العسكري الذي حوّلهم "جنود" .