أثارت مشاهد التعذيب والإهانة والتعدي على المعتقلين في سجن رومية موجة غضب عارم في أوساط اللبنانيين الذين روعتهم وحشية الممارسات الأمنية الغريبة عن ثقافة المجتمع اللبناني وعلى العمل الأمني في لبنان وأعادتهم بالذاكرة إلى عناوين  الرعب والخوف والظلم في البوريفاج وعنجر وحكايا الموت من فرع فلسطين والمزة وتدمر.

لا شكّ بأنّ هذه الممارسات مرفوضة ومدانة لكن الإدانة وحدها لا تكفي ولا بد من محاسبة المرتكبين لهذه التجاوزات الوحشية  وإنزال أشد العقوبات بالمتورطين كي يكونوا عبرة لكل من يتجاوز الحقوق الإنسانية والمدنية للسجين .

على الرغم من فظاعة مشاهد التعذيب المستفزة لمشاعر اللبنانيين عامة ولأهالي المعتقلين الإسلاميين وللشارع السني  الذي كاد أن يدخل في صدامات  مع قوى الأمن لولا إحتواء وزير العدل أشرف ريفي ووزير الداخلية نهاد المشنوق لتداعيات تسريب هذا الشريط لا بد من  التوقف لطرح تساؤلات هامة عن أسباب توقيت التسريب على الرغم من أنّ تصويره كان قد تم قبل  أشهر عدة  مضت خلال عملية نقل المعتقلين  المتمردين من المبنى "د" في  سجن رومية فهل المطلوب إعادة أذكاء الفتنة المذهبية لتنطلق من عاصمة الشمال مجددا بعد فشل محاولات إطلاق شرارتها من عرسال لا سيما بعدما ترددت شائعات عن أحداث أمنية ستكون عاصمة الشمال مسرحاً  لإنطلاقها  .

وفي إنتظار إستكمال التحقيقات لكشف المتورطين والمصطادين في الماء العكرة لأذكاء الفتنة المذهبية لضرب إستقرار البلاد من خلال ضرب مصداقية مؤسساتها الشرعية ، ما يضع وزير الداخلية أمام امتحان صعب يحتاج تجاوزه تلاقي مساعي رئيس الوزراء تمام سلام ووزير العدل أشرف ريفي ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري ودار الفتوى لاحتواء الأزمة الراهنة في  البلاد.

يبقى الرهان الأقوى على قدرة وزير الداخلية الحفاظ على استتبات الأمن المهدد بالإنفلات جراء تداعيات هذا التسريب المتعلق مباشرة بإنهاء ملف محاكمات المعتقلين الإسلاميين في رومية لقطع الطريق أمام المصطادين في مياه الفتنة المذهبية ما يعزز الثقة بمؤسسات الدولة وسلطاتها الشرعية كما يعول على تيار المستقبل تجديد الثقة بهذه المؤسسات لإمتصاص وإستيعاب موجة الغضب والنقمة المنتشرة في قاعدته الشعبية والتي تمثل الشريحة الأوسع للشارع السني كما هو مطلوب من دار الفتوى العمل على إحتواء الازمة الحالية بما يحصن الساحة السنية ضد محاولات أشعال فتيل في لبنان وتفادي الحرائق المشتعلة في المنطقة العربية من حوله .