أقرّ مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني أمس، مشروع قانون يمنحه حق المصادقة على اتفاق محتمل مع الدول الست المعنية بالملف النووي الإيراني، ويمنع تفتيش مواقع عسكرية أو استجواب علماء نوويين. واعتبرت الحكومة هذا القانون «انتهاكاً» للدستور، معربة عن أسفها لجرّ المفاوضات النووية إلى «الشارع وأزقة البازار».

وكان رئيس البرلمان علي لاريجاني أدخل الأحد الماضي تعديلات على مشروع القانون «لكي تكون يد المفاوضين النوويين طليقة في المحادثات، ضمن الإطار الذي يؤيده المرشد (علي خامنئي) والمجلس الأعلى للأمن القومي» الإيراني. وحض لاريجاني النواب على «إطاعة أي قرار يتخذه المرشد في ما يتعلق بالمفاوضات النووية».

مشروع قانون «الحفاظ على الإنجازات النووية للشعب الإيراني» أيده 214 من 240 نائباً حضروا الجلسة، ويجب أن يصادق عليه مجلس صيانة الدستور.

ويطالب القانون بإلغاء كامل للعقوبات في «يوم تطبيق إيران تعهداتها»، ويمنع «تفقّد الأماكن العسكرية والأمنية والحساسة غير النووية، والاطلاع على الوثائق ومقابلة العلماء». لكنه يستدرك بالتشديد على «التزام قرارات المجلس الأعلى للأمن القومي» الإيراني في هذا الشأن.

ويلفت القانون إلى وجوب «تقديم نتائج المفاوضات إلى مجلس الشورى»، كما يُلزِم وزير الخارجية محمد جواد ظريف «تقديم تقرير إلى المجلس عن مسار تنفيذ الاتفاق، كل 6 اشهر».

وحاول مجيد أنصاري، نائب الرئيس الإيراني، التحدث خلال الجلسة، لكن لاريجاني لم يسمح له. وأبلغ أنصاري وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية (إرنا) أن القانون ينتهك المادة 176 في الدستور، ويتجاوز صلاحيات المجلس الأعلى للأمن القومي. وذكّر بدعم خامنئي الوفد المفاوض مع الدول الست، خصوصاً رئيسه الوزير ظريف.

واعتبر الناطق باسم الحكومة محمد باقر نوبخت أن القانون ينتهك المادة 176 في الدستور التي تخّول رئيس المجلس الأعلى، أي رئيس الجمهورية، صلاحية إبرام اتفاقات مع دول أجنبية لصون الحقوق الإيرانية. وأضاف أن «المفاوضات هي من اختصاص المجلس الأعلى للأمن القومي، لا الحكومة أو البرلمان». وأسِف لـ «جرّ المفاوضات النووية إلى الشارع وأزقة البازار»، مستدركاً: «لن ننجرّ إلى مهاترات تؤثر في المفاوضات».

لكن البرلمان استند إلى المادتين 77 و125 من الدستور اللتين تلزمان الحكومة بنيل موافقته على كل الاتفاقات والمعاهدات التي تُبرم مع الدول الأجنبية.

رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان علاء الدين بروجردي اعتبر أن «النواب قدّموا أفضل خدمة للحكومة والمجلس الأعلى للأمن القومي، في الدفاع عن الخطوط الحمر لإيران في المفاوضات النووية».

وأبلغت مصادر برلمانية «الحياة» أن النواب تسلّموا إشارات إيجابية إلى موافقة المرشد على مشروع القانون الذي اعتبرت أنه «يواجه المطالب الجديدة للغرب ويحفظ حقوق إيران في تخصيب اليورانيوم».

ويأتي السجال بين الحكومة والبرلمان قبل أسبوع من انتهاء مهلة التوصل إلى اتفاق نهائي يطوي الملف النووي الإيراني. وقالت مصادر ديبلوماسية لـ»الحياة» إن القانون يمنح ظريف والوفد المفاوض فرصة أكبر للمناورة مع الدول الست.

وعلمت «الحياة» أن ظريف ينتظر من وزراء خارجية الدول الست رداً على اقتراحه تنظيم احتفال التوقيع على اتفاق محتمل، في مسقط، تقديراً من المفاوضين للدور الذي أدته سلطنة عُمان في هذا الصدد.

ونقلت مجلة «نيويوركر» عن الوزير إن «الولايات المتحدة ستخسر فرصة فريدة» إذا فشلت المفاوضات، مشدداً على أن الشعب الإيراني «مستعد للتضحية، إذا لزم الأمر، للدفاع عن حقوقه ومكانته». وتابع: «الحديث ليس عن توجّه قومي أو وطني، بل امتلاك عمق تاريخي».