بعدما كانوا في السابق يرفضون أيّ حديث عن بديل للنظام السوري ورئيسه بشار الأسد ، فإن المسؤولين الروس وبناءً على مصادر قريبة من العاصمة موسكو باتوا أكثر انفتاحاً على البحث في حلول للوضع السوري ، وذلك يعود لأسباب أبرزها أنّ الوضع السوري لم يعد يحتمل المزيد من القتل والعنف والدمار ، وهناك خوف من تحوّل الوضع السوري إلى ما يشبه الوضع في ليبيا والعراق بحيث لم يعد بالإمكان ضبطه .

فضلاً عن القلق البالغ من التطرف الإسلامي المتمادي عسكرياً في سوريا والذي بات يقوي داعش والإرهاب على حساب النظام والذي قد يؤثر على الإستقرار الأمني في المنطقة وصولاً إلى روسيا سيما وأنه يتوافد إلى سوريا آلاف المقاتلين من جمهوريات روسية خصوصاً من الشيشان وداغستان وغيرهما ، إذ أنّهم يهربون إلى تركيا ومنها إلى سوريا للإنضمام إلى الجماعات الإرهابية .

لذلك فإنّ روسيا تكثف جهودها مع الولايات المتحدة الأميركية اللاعب الأساسي في العالم للقيام بشيء ما لتغيير الأمور في سوريا ، وكذلك فإنها تجري اتصالات مع الأتراك للغاية ذاتها كما أنها تقوم باتصالات مع إيران في ما خص الوضع السوري وضرورة السعي للوصول إلى حل ما .

على أنّ الجانب الأهم في هذا التحرك الروسي هو دعوة الحكومة الروسية لولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان لزيارة موسكو الذي لبّى الدعوة وإلتقى بالرئيس فلاديمير بوتين والمسؤولين الروس وأجرى معهم محادثات تناولت مروحة واسعة من الملفات والأزمات وأهمها الملف السوري سيما وأنّ القادة الروس يعرفون أنّ السعودية تلعب دوراً مرجعياً ومحورياً وإستراتيجياً في العالم العربي ومنطقة الخليج .

وكذلك فإنّ المسؤولين السعوديين يعرفون أنّ روسيا يمكن أن تلعب دورا إيجابياً في حلحلة الأزمات التي تعصف في المنطقة وخصوصاً الأزمة السورية ، والتي يبدو أن موسكو بدأت تعمل أخيراً بوحي ممّا قاله أحد دبلوماسييها لوفد خليجي ( إنّ ما يهمنا هو الحفاظ على مصالحنا الإستراتيجية وضمان مستقبل الأقليات ووحدة سوريا ومحاربة المتطرفين  ).

وهذا يلتقي مع نظرة السعوديين الذين يرون أنّ بشار الأسد قد إنتهى .  

فروسيا التي دعمت الرئيس الأسد عسكرياً ودبلوماسياً عبر مجلس الأمن ، فإنّ التطورات المتسارعة في الأشهر الأخيرة في الميدان السوري لجهة الهزائم المتتالية التي مني بها النظام وتوسع رقعة سيطرة داعش ربما كانت وراء التحول الروسي بسبب الإنتكاسات السلبية التي سيتركها التطرف والإرهاب على الأمن الاقليمي .

وقد يكون الموقف الروسي الجديد تحضيراً لمرحلة الحوار الأميركي - الإيراني ما بعد توقيع الإتفاق على الملف النووي والذي قد ينتج تسويات معينه خصوصاً على الملف السوري الذي سيعود إلى واجهة الاهتمام الدولي.

والبوادر الروسية ستساهم في الحل السوري ، لكن مدى هذه السياسة الروسية الجديدة لا زالت غير واضحة المعالم ، وبالتالي فإنّ السؤال المطروح هو : هل تسمح إيران بحلول في سوريا أم أنّها مصممة على أن تستمر في قتالها إلى جانب الرئيس بشار الأسد؟