نجح عمر الفرا في أن يكون شاعراً مسرحيّاً ملك القدرة على تحريك جمهور الشعر الذي عرفه في أسلوبه البدوي والثوري وكأن شيئًا مشتركاً بين بدوية متعطشة للماء وثورية مشبعة بالدماء لذا لبى الفرا جمهوره العربي قبل أن يصحو في اواخر تجربته الشعرية على الشعر المقاوم .

لم تكن صناعة الشعر عند الفرا مسألة متصلة بالهواية بل هي مجالاً للعيش والارتزاق لذا كان يأكل من رغيف شعره ويطلب مقابل مشاركته في المناسبات بدلاً مالياً بحيث أن شهرته في المقاومة جعلته يطلب مبالغ كبيرة جداً بعد أن ظنّ أنه قد بلغ رتبة شعرية عالية نتيجة "هيصات" جمهور المقاومة الذي غمره بحب كبير .

أن يعيش الشاعر من شعره ليس بإساءة بقدر ما هو اشارة الى حجم  اهتمام النظام بالأدباء والشعراء وجعلهم يمدون أيديهم ليشحذوا باسم الشعر كيّ يتمكنوا  من العيش بكرامة .

بات بيع الشعر بالنسبة لعمر الفرا ديدنه في تركيب الأوزان الشعرية وفي تحديد منسوب المدح والهجاء وكانت أولى قصائده في المقاومة محاكاة للشعور العربي ومن ثم حوله الى بداية تجربة للكسب المالي لذا وبُعيد نجح قصيدته الشعبية في المقاومة والمعروفة باسم " رجال الله " راح الفرا يقايض الشعر بالمال الوفير ولم يهتم كثيراً لخدمة من جعل منه شاعراً معروفاً في وسط يكره الشعر والشعراء لأنهم في كل واد يهيمون وظل على حاله ومنواله بعد أن أصبح مسموعاً الى جانب "الندبيات " والأناشيد الحزبية الثورية المعتمدة من قبل جمهور المقاومة .

ومن قبل أن يدخل السجن أحد رجال الأعمال التابع لجهة حزبية  قام المذكور بتوقيع عقد مع عمر الفرا يُلزمه بأنشطة دار النشر الذي يملكه مقابل مبلغاً كبيراً تبين فيما بعد وبعد أن فُضح رجل الأعمال هذا بأن "أغداق" المال على الفرا كان من ضحايا المودعين لا من جيبه الخاص . وهذا ما حافظ على الفرا كشاعر تحول مع التوظيف الى مُطرب خاص لجمهور خاص .

لا شك بأن ظروف الشاعر هي من صنعت من صُنعة الشعر سلعة معروضة للبيع في الأسواق الرائجة وهذا ما أضعف من منتوجه الشعري لأنه يعكس صوراً ولغة تحاكي جمهور المباشرة بطريقة خطابية سهلة من شأنها أن ترفع من درجة الحماسة الزائدة لا أن تعلو من منسوب الوعي المفقود أصلاً من عقل مباع لصالح جهات متعددة .

رحم الله الشاعر عمر الفرا كان مقدراً له أن يكون أكثر شاعرية لو أن هناك من يحترم دائرة التفكير في العقل  العربي من حكام وأنظمة وأحزاب..