«عملاً للوحدة ورفضاً للفتنة» هو شعارٌ اختاره لبنانيون مستقلون عنواناً لوقفة حرّة ومسؤولة تدعو إلى تحييد لبنان عن خطّ الزلزال في المنطقة.

فايزة دياب

ففي زمن الصمت واللامبالاة، وهما الصفتان اللتان ترافقان اللبناني منذ فترة طويلة، وفي زمن ترقّب الحريق السوري الذي يقترب يوماً بعد يوم من الحدود، قرّرت مجموعة مستقلة، بصفة أعضائها الشخصية، أن ترفع الصوت وأن تكسر حاجز الخوف "حفاظاً على الهوية الوطنية الجامعة، بوجه الهويات المذهبية العابرة للحدود". فقرّرت أن تنظّم "وقفة حرّة ومسؤولة" في ساحة رياض الصلح وسط بيروت "صوناً للحريات ورفضاً للشقاق المذهبي وخطاب التخوين"، وذلك عند الخامسة من بعد ظهر الأربعاء 17 حزيران الجاري.

فمن هم هؤلاء اللبنانيون الذين قرروا رفض الواقع ورفع الصوت؟

الصحافي مصطفى فحص، وهو أحد المنظمين في هذا التحرك، عرّف عن المجموعة الداعية في اتصال مع «نيو ليبانون» قائلاً : "نحن مجموعة من الناشطين في تيارات واتجاهات مختلفة، إجتمعنا على فكرة أساسية هي رفض الفتنة وتخوين الآخر الذي لا يشاطر الآخر الرأي نفسه، إجتمعنا لنقول لا للفتنة لا للمذهبية ولا لنقل الحرب السورية إلى لبنان".

وأكدّ فحص أنّ "الفكرة ليست وليدة الأمس، بل إنّ مجموعة عوامل أدت لتبلور هذا التحرك. فمنذ بداية الأزمة السورية، ودخول طرف لبناني في الحريق السوري الذي يهدد استقرار لبنان، والخلل في العلاقات بين الطوائف والمذاهب اللبنانية ، وفي ظلّ ارتفاع منسوب الخطابات الطائفية والإلغائية مقابل الخطاب الوطني الجامع، وخوفاً على العيش المشترك، ورفضاً لزجّ الطوائف اللبنانية في أتون الحرب المذهبية الدائرة في المنطقة قررنا أن نقوم بهذه المبادرة".

وعن تجاوب اللبنانيين مع هذه الدعوة قال فحص : "على الرغم من أنّنا بدأنا الدعوات أمس إلاً أننا وجدنا تجاوباً إيجابياً واضحاً حتى الساعة ، فاللبنانيون المعتدلون هم كثر لكنّهم متفرقون، وفي هذا التحرك سيلتقون ليرفعوا أصواتهم ضدّ كل متطرف وإلغائي وتكفيري".

إذاً بعد سلسلة من الإجتماعات واللقاءات التي دامت على مدى أسابيع، ومناقشة التطورات السياسية والميدانية في لبنان تقرر تنفيذ هذا التحرك .

ولأنّ هذه الإجتماعات توصلت إلى أنّ "السكوت عن الجريمة هو مشاركة فيها، وأنّ كتابة مقال أو رأي أو المشاركة في نقاش لم يعد كافياً، قررنا أن نضع النقاط على الحروف وحددنا موعد الإعتصام"، بحسب الصحافي محمد بركات، وهو من المنظمين والداعين لهذه الوقفة التي على ضوئها ستحدّد التحركات المقبلة دائماً، بحسب ما أكّد في اتصال مع «نيو ليبانون».

وتابع بركات: "هذا التحرك ليس ضدّ جهة معينة، بل هو ردّة فعل ضدّ ممارسات داعش وحزب الله في الوقت نفسه، لنقول إنّنا ضدّ أيّ جهة متطرفة، وضدّ انغماس الشباب اللبناني في الحرب المذهبية التي بدأت في سوريا والبحرين واليمن ومن المتوقع أن تصل إلى لبنان".

وأضاف بركات: "هناك جهات إقليمية توظف قدراتها وأموالها لزرع الفتنة والمذهبية في بلداننا العربية، فهم يزرعون الخوف في عقول الشباب من الآخر المختلف طائفياً أو مذهبياً، ويقدمون السلاح لكي نتقاتل باسم الدين. كما يحصل في سوريا والعراق. وهذا يشكل خطراً على وجودنا ووجود بعض الأقليات، وأمامنا تجربة الأيزيديين وغيرهم، فكلّنا سننقرض إن طالت هذه الحروب".

ويختم بركات: "لذلك قررنا من وسط بيروت رفع الصوت رفضاً لزجّ لبنان في المجزرة التي رأيناها آتية إلينا. ولأنّ الكثير من اللبنانيين يرفضون الوضع الراهن في لبنان، سيلبّون هذه الدعوة، وربما يساعد هذا التحرك على كسر الخوف عند باقي اللبنانيين الذين باتوا مترقّبين وغير متفائلين فقط".

 

(فايزة ديب)