ترصد أجهزة مخابرات دولية بإهتمام كبير تراجُع القدرات العسكرية للنظام السوري، بعد التغيّرات الميدانية في درعا والقنيطرة وإدلب، وضخامة الخسائر البشرية في صفوف الضباط والجنود منذ أكثر من أربع سنوات، ما أثّر في معنوياتهم وأثار مخاوف من التدرّج في تهديد معاقل النظام في دمشق والساحل السوري.

في آخر التقارير، أن الجيش السوري دفع حتى الآن من العسكريّين العلويّين الذين يشكّلون العمود الفقري للنظام، نحو سبعين ألف قتيل و 120 ألف جريح. وعلى سبيل المثال، إن مدينة طرطوس وحدها تتسلّم يومياً عشرين شهيداً من أبنائها العسكريّين كمعدّلٍ عام يرتفع الى نحو ثمانين شهيداً في أيام المعارك الضارية على مختلف الجبهات السورية. ولا يسمح النظام للمستشفيات بتسليم أكثر من خمسة شهداء يومياً لذويهم، كما لا يسمح بتسليم أكثر من جثة في وقت واحد، تجنّباً لإلتقاء العائلات المنكوبة.

هذا الواقع لا يعني أن النظام السوري يُشارف على نهايته، لكن حاجته الى الدعم الخارجي للبقاء، تزداد أكثر فأكثر. والسؤال ماذا ستفعل موسكو وطهران؟

تعتبر موسكو أن الحرب في سوريا بلا جدوى. بدأت إنكفاءً ممنهجاً عن دعمها المطلق للنظام، وإرسال إشارات عن استعدادها للتوسّط بحثاً عن حل سياسي عماده تقاسُم السلطة، بالتفاهم مع واشنطن. يُحاول الكرملين تنويع علاقاته في سوريا، ولكنه لن يقطع روابطه مع الحكومة العلويّة. غير أن جهوده لتحقيق التسوية لا أمل كبيراً في نجاحها.

أما إيران فبالعكس، بدأت زيادة دعمها للنظام بالسلاح والعتاد والمقاتلين، لوقف انهيار الجبهات والحفاظ على «الدولة العلويّة» من دمشق الى طرطوس واللاذقية. وبالفعل يستعدّ النظام لهجوم مضاد بهدف إستعادة إدلب التي تعتبر حيوية لحماية الساحل.

ومن هنا، يقرأ المحلّلون الغربيّون قرار سيطرة «حزب الله» على جرود القلمون وعرسال بأي ثمن. ومن هنا تُسرّب معلومات أن طهران تعدّ مفاجأة عسكرية كبيرة على الأرض في سوريا والعراق.

اما انعكاس كل ذلك على لبنان، فيرتبط بنتائج المعارك الدائرة والمتوقع توسّعها. «حزب الله» سيواصل القتال والتقدّم في جرود عرسال. وإذا أدّى الضغط والتفاوض غير المباشرين مع المسلحين الى انسحابهم نحو أربعين كيلومتراً الى داخل الأراضي السورية، وعلى الأرجح الى ريف حمص، وهذا ما كان رفضه أمير «النصرة» في القلمون أبو مالك التلة سابقاً، فإن ثغرة عسكرية وأمنية على الحدود الشرقية تكون قد أقفلت، ما يعزّز الأمن والإستقرار في الداخل اللبناني، وينحصر الخلاف في الإستحقاقات السياسية.

أما اذا لجأ المسلحون الى مدينة عرسال، فإن خطراً كبيراً سيُواجه أهلها من جهة والجيش من جهة أخرى، ويُهدّد بفتنة مذهبية، في حال لم يتمّ التعامل معها بحكمة وفي إطار وطني عام، يكون لدور«تيار المستقبل» فيه الكلمة الفصل.

 

جورج سولاج