في وقت تعيش تركيا ذروة الإثارة والترقب عشية الانتخابات البرلمانية التي ستُحدد مصير رموز سياسية كثيرة وتيارات وتحسم قضايا عالقة، جرح 50 شخصاً على الأقل في انفجار نجم عن عطل كهربائي على الأرجح خلال تجمع انتخابي للمعارضة التركية في مدينة ديار بكر ذات الغالبية الكردية.

ويمكن القول ان الجميع يترقب أن تتحقق المعجزة أو المفاجأة، وكلاهما يختلف من شخص الى آخر. فبالنسبة الى الحكومة ستكون المفاجأة تغيير الناخبين كل استطلاعات الرأي، ويقررون في اللحظة الأخيرة العودة الى أحضان الحزب لتحقيق نسبة تأييد تتجاوز 45 في المئة. اما بالنسبة الى «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي فنيله نسبة 10 في المئة من الأصوات التي تخوله دخول البرلمان للمرة الأولى سيكون اشبه بمعجزة، لأنه سيمنح الأكراد حزباً قوياً ومؤثراً في البرلمان بعدما دأب نوابهم على الترشح فردياً، وسيجعله ينال دعماً مالياً من خزانة الدولة، كما سيعزز موقعه في مواجهة الحكومة لحل القضية الكردية.

وتشير استطلاعات الرأي الى تأرجح أصوات الحزب فوق نسبة 10 في المئة وتحتها، ما يجعل أعصاب نوابه وكوادره مشدودة حتى آخر لحظة.

وأيضاً ينتظر حزبا المعارضة الرئيسيان الشعب الجمهوري بقيادة كمال كيليجدار أوغلو والحركة القومية بقيادة دولت باهشلي مفاجأة أو معجزة سقوط حكومة «العدالة والتنمية» في حال تراجعت أصواتها الى اقل من 40 في المئة.

وهنا يلعب الحزب الكردي الدور الأبرز في تحديد مصير الحكومة لأن دخوله البرلمان سيحرم حزب «العدالة والتنمية» عشرات المقاعد، وسيزيد تأثير تراجع شعبيته في موازين القوى تحت قبة البرلمان.

وتتميز هذه الانتخابات بأنها الأكثر احتداماً منذ تولي حزب «العدالة والتنمية» الحكم في تشرين الثاني (نوفمبر) 2002. وستحدد نتائجها العلاقة بين الرئيس رجب طيب أردوغان الذي دعم الحكومة في شكل واضح جداً على رغم ان هذا الأمر مخالف للقانون والدستور، وبين رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو. كما ستحدد مصير داود أوغلو ومستقبله، في وقت يخوض الانتخابات بصفته زعيماً للحزب للمرة الأولى في أهم وأكبر اختبار في حياته السياسية.

وكان أردوغان أبدى عتبه في شكل غير مباشر على عدم اهتمام داود أوغلو في شكل كبير بترويج مشروع النظام الرئاسي في حملته الانتخابية، فيما تقول مصادر من داخل حزب «العدالة والتنمية» أن استطلاعات الرأي تشير الى أن الناخب غير مهتم بهذا الملف، وأن 60 في المئة من الشعب ضد هذا النظام، لذا لم يفقد الترويج له الحزب مزيداً من الأصوات.

وهنا يبقى مصير الرئيس أردوغان الذي راهن بقوة على فوز الحزب الحاكم بقوة في هذه الانتخابات واستعادة قوته داخل البرلمان تمهيداً لتغيير النظام الرئاسي والدستور من أجل إعطائه صلاحيات واسعة، رهن المعجزة أو على الأقل المفاجأة الكبيرة.