لا تزال أزمتا عرسال والتعيينات الأمنية موضع أخذٍ وردّ بين القوى السياسية التي ضربت موعداً لاستكمال النقاش في الحكومة حول الأزمتين بعد غدٍ الاثنين. وقبل الوصول إلى الجلسة، تبذل القوى السياسية جهداً لافتاً لرسم تفاهمات أولية استباقية، في ظلّ السقف العالي الذي حدّده الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في مسألة جرود عرسال ورئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون في مسألة التعيينات الأمنية.

فأمام إصرار عون، ومعه فريق 8 آذار على ضرورة تعيين قائد جديد للجيش هو العميد شامل روكز بدل العماد جان قهوجي، والتهديد بتعطيل الحكومة، بادر النائب وليد جنبلاط إلى التواصل مع أطراف عدة؛ بينها حزب الله، معرباً عن استعداده للقيام بمحاولة إقناع الطرف الآخر، وتحديداً الرئيس سعد الحريري، للقبول بطلب عون. وفهم جنبلاط، بحسب مصادر مقرّبة منه، أن «من المفيد نصح الحريري بعدم إغضاب العماد عون»، فبادر إلى التواصل مع جهات محلية وخارجية، ثم أجرى اتصالاً بالحريري، طالباً منه «كسر الشر»، و«خصوصاً أنه لا يمكن أن يتم اعتبار وصول روكز إلى قيادة الجيش انتصاراً لحزب الله، لأن جهات تخاصم الحزب، من بينها الولايات المتحدة، تعتبره مؤهلاً لقيادة الجيش». وأكدت المصادر أن «جنبلاط طلب من الحريري التفكير بالأمر من الآن»، وأنه «سيصدر موقفاً واضحاً بهذا الشأن»، وهو ما فعله أمس، مؤكّداً دعمه وصول روكز إلى قيادة الجيش. مصادر أخرى معنية بالملفّ، أكدت لـ«الأخبار» أن «الحريري استمزج رأي مساعديه»، وأن «وزير الداخلية نهاد المشنوق أكد أنه يتمهل أياماً قبل التصرف بشأن قوى الأمن الداخلي». وقالت المصادر إن «الحريري بعث برسائل إلى أطراف عدة بأنه سيسعى إلى حسم الموقف قبل الاثنين»، وإن «الرئيس تمام سلام ينتظر تبلغ موقف الحريري حتى يقرر الدعوة إلى جلسة سريعة للحكومة قبل ٥ حزيران المقبل».


تفاصيل مبادلة العسكريين حُسمت والتنفيذ ينتظر عودة الوسيط القطري



غير أن مصادر مقربة من الحريري استبعدت أن تسفر الحركة الجنبلاطية عن نتائج فعلية، وأكّدت لـ«الأخبار» أنه «ليس بإمكان عون أن يفرض علينا قائداً للجيش، وهناك صعوبة للسير من قبل الرئيس الحريري بما يريده عون». فيما شدّدت مصادر التيار الوطني الحر، في المقابل، على أنه «في هذه الحال لا يمكن للحريري أن يفرض علينا بقاء الحكومة».
وفي ما خصّ جرود عرسال المحتلة من قبل إرهابيي «تنظيم القاعدة في بلاد الشام ـــ جبهة النصرة» وتنظيم «داعش»، أكّد أكثر من مصدر وزاري في قوى 8 آذار أن «جلسة الاثنين ستحفل بنقاش جدي حول دور الدولة والجيش في معالجة هذه الأزمة». وتقول المصادر إن «السقف الذي وضعته المقاومة مرتفع في مسألة الجرود، وهذا يحتّم على الحكومة تحركاً سريعاً لتنفيذ إجراءات عملية تحمي عرسال من الإرهابيين، ولاحقاً لطردهم من الجرود»، وتؤكّد المصادر أن «مختلف الفرقاء باتوا على اقتناع اليوم بأن مسألة عرسال يجب أن تحلّ، والاثنين سيكون النقاش بالوسائل والآليات». وأشارت المصادر إلى أن «انتشار الجيش بقوة داخل عرسال وفصل البلدة بشكل تام عن الجرود يمكن أن يكون خطوة أولى لحلّ الأزمة، ومن ثمّ إيجاد الحلول المناسبة لمسألة مخيمات النازحين».
من جهته، زار النائب جمال الجراح على رأس وفد من أهالي عرسال من المحسوبين على تيار المستقبل والنائب زياد القادري السرايا الحكومية ووزارة الداخلية للقاء سلام والمشنوق. وقال الجرّاح ان «هناك حملة على أهالي عرسال، وهناك من يريد أن ينتقم من البلدة وأهلها خدمة لأهداف سياسية معينة»، لافتاً إلى أن «هذا المنطق لا يؤدي إلى شيء إلا إلى الفتنة المذهبية، وليعلم الجميع أن عرسال ليست جزيرة، حدودها عكار وطرابلس وسعدنايل ومجدل عنجر والبقاع الغربي وبيروت، وهي ليست معزولة وليست متروكة».
وفيما حذّرت مصادر مقرّبة من الحريري من أنه «إذا كان حزب الله يعتقد أن بإمكانه تشكيل حشد شعبي في البقاع، فإن الأمور قد تذهب إلى خطوط تماس»، قلّلت مصادر وزارية في فريق 8 آذار من أهمية كلام الجراح، وسألت «أين كان الجراح عندما كانت السيارات المفخخة تأتي من الجرود لقتل اللبنانيين وتقتل جنود الجيش وتختطفهم، وعندما كان المسلحون يستبيحون بلدة عرسال ويقتلون أهلها ويسرقون رزقهم، ويحاكمونهم في المحاكم الشرعية؟».
ورأت مصادر أهلية في البلدة في اتصال مع «الأخبار» أن مواقف الجراح صادرة عن أشخاص «لا يمثّلون عرسال، وإنما تيار المستقبل وفريقه». وسألت عن «سبب عدم وجود الجيش باستمرار داخل عرسال، وسبب عدم عودة فصيلة درك عرسال إلى كنف البلدة». وسألت: «هل بإمكان النائب وتياره أن يعوّض على العراسلة خسائرهم اليومية نتيجة عدم تمكنهم من الوصول إلى مقالعهم وبساتينهم ومزارعهم؟».

 

العسكريون الأسرى

من جهة أخرى، تنتظر الجهات الرسمية اللبنانية عودة الموفد القطري في التفاوض حول ملفّ العسكريين المختطفين إلى بيروت، وذلك لإنجاز عملية التبادل مع الجماعات الإرهابية التي تختطفهم. وقال مصدر واسع الاطلاع لـ«الأخبار» إن «الصيغة النهائية للاتفاق أنجزت وهي مناسبة للبنان، ومن ستتم مقايضتهم بالعسكريين ليسوا من النوع الخطير جداً، ومن بينهم نساء». ونفت المصادر علمها بأي جانب مالي من الصفقة، مشيرةً إلى أن «لبنان لن يتدخل في أي أمور إضافية قد تكون بنداً للتفاوض بين الخاطفين والوسيط القطري».