لا يبدو أنّ لـ«حزب الله» خلال هذه المرحلة القدرة على فك طوق الخناق الذي بدأ يُحاصره من كل الجهات خصوصا في ظل الأزمات المُتعدّدة التي يمرّ بها والتي أصبحت تُشكّل له عامل تخبّط سياسي بعد العسكري أوصلته إلى مرحلة يتفوّه فيها رئيس كتلته النيابيّة النائب محمّد رعد بكلمة»حسابه بعدين» كتهديد صريح بحق الأمين العام لتيّار «المستقبل» احمد الحريري.

 

الحصار الذي يُعاني منه «حزب الله» لا يُشبه حصاره لبلدات وقرى سوريّة وتجويع أهلها وجعلهم يأكلون ممّا يتقيأ به أطفالهم تماماً كما حصل مع اولى علامات حالات الجوع التي حصلت في مخيّم «اليرموك» المُحاصر قبل نحو عامين، فالحزب يُعاني اليوم من فشله العسكري وفشل الوعود المُتكرّرة بـ«النصر» مروراً بأزمة الأصوات التي بدأت تخرج إلى العلن من داخل بيئته والمُطالبة بإيقاف النزف في ظل إرتفاع اعداد القتلى في القلمون وصولاً إلى المحكمة الدوليّة الخاصّة بلبنان التي بدأ يتكشّف من خلال الإدلاءات مدى الترابط الأمني الذي يربط بينه وبين النظام الأمني السوري برئاسة بشّار الأسد.

 

يُدرك «حزب الله» أن حربه في سوريا باتت تُشكّل عبئاً كبيراً عليه وعلى بيئته لدرجة شبّهها البعض بمن يُحاول افراغ البحر من مياهه، ومع حالته هذه بدأ يبحث الحزب عن دعم ولو شكلي يُمكن أن يستند اليه في مرحلة مُقبلة لن تعده سوى بمزيد من الخيبات وبخسارة ما تبقّى له من رصيد كحزب قاوم ذات الإحتلال الإسرائيلي. ومن باب حسابات الحزب التي لم تعد تتطابق مع حقل بيئته ولا جمهوره.

 

ولفت مصدر مطلع أن "الشيعة لا يُمكن ان يقفوا إلى جانب من يرتكب مجازر وجرائم حرب بحق الشعب السوري ولذلك يقول فإن تدخّل حزب الله في سوريا هو التزام واضح من السيد حسن نصرالله بحماية بشّار الأسد ونظامه. واليوم وللمرّة الاولى يشعر الحزب أنهّ مكشوف وقد ظهر هذا الأمر بوضوح خلال الخطاب الأخير لنصرالله من خلال قوله «إذا لم يتحرّك الجيش اللبناني في عرسال فسوف نقوم نحن اهل بعلبك الهرمل بالمهمة»، فبكلامه هذا ألمح نصرالله الى أن هناك معركة ستكون بين البقاع الشمالي بغالبيته الشيعيّة وبين البقاع السُنّي ودفاعه هذا عن النظام السوري جعله يُبرز الصورة المذهبيّة البشعة التي حاول أن يُخفيها طيلة الفترات السابقة."

 

وأشار هذا المصدر "أنه بالمقارنة بين زمن السيد موسى الصدر وزمن نصرالله اليوم  نجد تباينا واضحا، فالصدر كان يحفر عميقا ليضع شيعة لبنان في مكانة وطنيّة ثابتة وراسخة في أرض لبنان، بينما ما نراه اليوم أن نصرالله والنظامين الإيراني والسوري يحفرون عميقا لدفن الشيعة.

وعلى ما يبدو أن هناك تململاً على صعيد الكوادر في الحزب جعله يستعين بالأطفال في الحرب السورية بحيث شعرت أن الدخول في الصراع في سوريا لا جدوى منه وبالتالي أنهت سمعة الحزب وسمعتهم بعدما تحوّلوا من أبطال في نظر العالم أجمع، إلى مُجرّد قتلة ومجرمي حرب وفرق قتل. يُضاف الى هذا الامر القلق الذي تعيشه بيئة البقاع التي بدأت تشعر انها اصبحت مُهدّدة، يُمكن أن يُهجّروا أو ان تُدمّر بيوتهم وقراهم ولذلك يسعى الحزب الى توريط الجيش في معارك عرسال كبديل عنه وخدمة للمشروع الفارسي الذي بدأ يرسم حدود الدويلة العلويّة في سوريا وربطها بقرى وبلدات لبنانية شيعيّة ومعركة القلمون اليوم تقع ضمن هذا السياق."

 

وتطرّق  المصدر إلى الشق المُتعلّق بالإفادات التي يُدلي بها أصحابها في جلسات الإستماع داخل المحكمة الدوليّة والتي كان ابرزها شهادة المُستشار الإعلامي للرئيس الحريري هاني حموّد، مشدداً على ان «اللبنانيين بغالبيتهم عبّروا عن تقديرهم للشهادة المُعمّقة التي قدّمها حمّود داخل المحكمة الدولية خصوصاً وأنّ شهادته سلّطت للمرة الاولى على مدى التنسيق القائم بين الأجهزة السورية بكل فئاتها وبين اجهزة حزب الله بالإضافة الى كشفها عن السياسة والأهداف ذاتها التي تجمع بينهما.»

 

ويُتابع، في الشق المُتعلّق بكلام حمّود ليُشير إلى انّه «بيّن بأن للأسد ونصرالله مونة عالية في إعطاء الأوامر لكل من المخابرات السورية وحزب الله في آن لجهة تنفيذ أوامرهما، كما أحدث نقلة نوعيّة في عمليّة الشهادات التي نسمعها وأوضح كلامه الخيط الذي يربط بين النظام السوري من جهة وبين حزب الله من جهة اخرى. وصحيح أن المتهمين جميعهم من الحزب لكن شهادة حمّود كشفت أيضاً عمليّة الترابط بين الجهتين ويمكن ان تُبنى عليها امور في غاية الاهميّة داخل المحكمة التي تمتلك بدورها وثائقها وأدلّتها الخاصّة.»