على وقع جنازات قتلى “حزب الله”, التي باتت شبه يومية في الآونة الأخيرة, يغلي الشارع الشيعي اللبناني نتيجة الخسائر البشرية الكبيرة التي يتكبدها, وسط تساؤلات عن جدوى تقديم الأبناء من رجال وشباب وفتيان قرابين على مذبح مخططات “الولي الفقيه” في إيران.

 

ويوماً بعد آخر, تتصاعد النقمة الشعبية بين اللبنانيين الشيعة على “حزب الله”, الذي يعمل بكل الوسائل على رفع معنوياتهم والتقليل من حجم الخسائر, سواء من خلال الحديث عن “انتصارات القلمون”, أو عبر تضخيم حجم ما يعتبره “مؤامرة كونية” على ما يسمى “محور الممانعة”. ورغم أن الحزب أعلن مراراً, على لسان أمينه العام حسن نصرالله وغيره من المسؤولين, أنه يفتخر بـ”شهدائه” ولا يخفيهم, إلا أن حجم الخسائر في الأسابيع والأشهر القليلة الماضية, نتيجة تزايد “ساحات المعارك” داخل سورية وتمددها من هذا البلد إلى العراق واليمن خصوصاً, دفعه للجوء إلى بعض الإجراءات للتقليل من انعكاسات سقوط القتلى في صفوفه على بيئته ومناصريه.

 

وفي هذا السياق, كشفت مصادر أمنية لبنانية لـ”السياسة” أن الحزب افتتح أخيراً في مستشفى الرسول الأعظم بمعقله في الضاحية الجنوبية لبيروت, غرفة مخصصة لجثث المقاتلين, تضم برادين لحفظ الموتى يتسع الواحد منهما لأربعين جثة, موضحة أن هذه الخطوة مردها إلى الأعداد الكبيرة للقتلى الذين يسقطون في سورية.

 

 وفي إطار الإجراءات الجديدة, يعمد الحزب, بحسب المصادر, إلى تجميع عدد من جثث مقاتليه الذين يسقطون في سورية, بمستشفى الثورة في دمشق, حيث يتم نقلها من هناك إلى مطار المزة العسكري قبل نقلها جواً إلى إيران. وأوضحت المصادر أن قسماً من الجثث يُدفن في إيران, بناء على “الوصية” التي يكتبها العنصر المقاتل قبل انخراطه في المعارك, فيما ينقل القسم الآخر إلى لبنان وتبلغ عائلته بأنه قتل في إيران خلال تدريبات ودورات عسكرية. ولفتت إلى أن الحزب عمد في الكثير من الأحيان إلى دفن عدد كبير من مقاتليه قرب مقام السيدة زينب القريب من دمشق, وسط تكتم شديد وبحضور عدد قليل من الأهل والأقارب.

 

 في سياق متصل, كشفت معلومات أخيراً عن صدور جملة من القرارات التنظيمية القاضية بتجميد تفرغ وتوقيف دفع المخصصات المالية (التي تتراوح بين 800 دولار و1200 دولار للمقاتل) بحق عدد من كوادر وعناصر “حزب الله” من منطقة الجنوب, على خلفية رفضهم القتال في سورية. كما فتح الحزب باب الانتساب أمام 600 عنصر جديد تحت عنوان “التعاقد” في منطقة البقاع وحدها, إلا أن المفاجأة كانت عدم استجابة أكثر من 150 عنصراً جديداً, رغم أن هذه المنطقة تعد الخزان البشري للحزب.

 

 وفي ما يتعلق بمعركة القلمون, زج “حزب الله” بقوات كبيرة فيها غالبيتها من الشباب, بحسب المصادر, التي كشفت أنه نشر صواريخ بعيدة المدى في الهرمل, بهدف استخدامها في حال حدوث أي تطورات غير محسوبة أثناء الاشتباكات. أما على صعيد الداخل اللبناني, فيواصل الحزب إجراءاته الأمنية المشددة في مختلف معاقله, سواء في الضاحية الجنوبية لبيروت أو الجنوب أو البقاع. وكشفت المعلومات في هذا الإطار أنه يعمل على تجنيد عملاء في صفوف اللاجئين السوريين بهدف الحصول على معلومات منهم, سواء في ما يتعلق بتوجهات اللاجئين السياسية أو بأنشطتهم وارتباطهم بمجموعات المعارضة المسلحة.

 

 وقالت المصادر لـ”السياسة” ان مكتب “حزب الله” في صور يتصل بلاجئين سوريين مقيمين في مختلف المناطق اللبنانية, ويطلب منهم الحضور حيث تعمل عناصر متخصصة على تجنيدهم والحصول على معلومات منهم. وأوضحت أنه في بعض الحالات, رفض بعض اللاجئين العمل لصالح الحزب, فتدخل جهاز أمني رسمي في اليوم التالي واتصل بهم وهدد باعتقالهم على خلفية تورطهم في أنشطة مسلحة, فما كان منهم إلا أن عادوا إلى الحزب لطلب الحماية منه, مقابل العمل لصالحه. وأكدت المصادر صحة المعلومات المتداولة عن لجوء الحزب إلى مقاتلين صغار السن, بعضهم لم يتعد الخامسة عشرة من العمر, مشيرة إلى أن هذه الخطوة حتمتها الحاجة إلى قدرات بشرية كبيرة نظراً لتزايد المناطق التي يشارك فيها الحزب بالقتال في سورية. وختمت المصادر بالتأكيد على أن “حزب الله” يعاني من استنزاف شديد في قدراته العسكرية والمادية, حيث يسعى لاستقطاب وتجنيد مقاتلين جدد بشتى الوسائل, فيما يعول على زيادة كبيرة في موازنته من إيران بعد رفع العقوبات عنها وحصولها على مليارات الدولارات العائدة لها المجمدة في البنوك الغربية.