أكدت مصادر متابعة للتطورات وللحشود العسكرية لـ»حزب الله« الى سوريا لـ "المستقبل"، ان فصائل المعارضة السورية في القلمون قتلت نحو ثلاثين عنصراً من الحزب خلال «المناوشات« التي بدأت أواخر الشهر الماضي، اضافة الى عدد مماثل بين مفقود أو أسير لدى «جيش الفتح « .

 

ويبدو، بحسب المصادر، أن هذه الحصيلة التي نفاها «حزب الله« في لبنان «رسميا«، متهماً الاعلام الآخر «بفبركتها«، تأكدت صحتها ان لم نقل دقتها عبر قادة ونواب ورجال دين من الحزب شاركوا شخصيا أو عبر ممثلين عنهم في مراسم تشييع أقيمت في قرى البقاع والجنوب والضاحية، ما يؤشر الى مستوى فقدان توازن يحكم مسار «حزب الله« في هذه المرحلة بالذات، ويدل ايضا الى غربته داخل جزء من بيئته، ويحكى تاليا عن التناقض الحاد بين ما يعلن وما يخفي من حقائق، لانه، تتابع المصادر ذاتها، «يستطيع اخفاء ابرة في كومة قش، لكنه لن يستطيع اخفاء جثامين شباب واطفال لبنانيين دفع بهم الى وحول الازمة السورية كرمى لعيون بشار الاسد« .

 

وتضيف: «ان المعطيات والمعلومات على الارض تتقاطع الى حد بعيد مع وقائع ونتائج المناوشات الاولى التي سبقت اطلالة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بساعات قليلة، حيث قتل ثلاثة من قيادييه من بينهم قائد العمليات العسكرية في القلمون علي خليل عليان ابو حسين ساجد، وهي الخسارة المدوية التي أحدثت تغييرا حادا في مضمون خطاب نصرالله«...

 

وتتابع «كرّت السبحة، خسائر بشرية لحزب الله بالجملة، ومراسم تشييع متواضعة أو واسعة اقامها الحزب لقتلاه في الفترة الممتده من نهاية خطاب السيد نصرالله حتى الامس منهم: عباس حسين ياسين من زوطر الشرقية، حسن محمد الموسوي من النبي شيت، باسل محمد بسمة من عين بعال، حسن هاشم من عين التينة، الطفل هشام محمد كركي (16 سنة) من الغندورية، محمد رميتي من قرية المجادل، خضر علاء الدين من مجدل سلم، حسن باجوق من عيتا الشعب، فادي الجزار، توفيق النجار، خالد زهير فرحات، علي ناجي حيدر، حسن عباس الحاج البقاع ، عماد ناصر الدين من الهرمل، اضافة للعديد من المفقودين واسرى لدى جيش الفتح«.

 

وتوضح اذاً، نحن امام خسائر بشرية موجعة لحزب الله في مناوشات القلمون، أو ما اصطلح على تسميته «همروجة« حزب الله في القلمون. والقتلى الذين سبق ذكرهم، أُقيمت لهم مراسم تشييع واحتفالات، ونعتهم الى قراهم واصدقائهم مواقع اعلامية مقربة من حزب الله، فعن من يحاول حزب الله اخفاء خسائره ؟ ولمصلحة من ؟ وهل اصبح موقفه حرجا امام اهالي القتلى أو الجرحى والمفقودين والاسرى الى درجة التكتم أو التملص من مسؤولياته تجاههم، وماذا عن القتلى الذين يوارون في الثرى في الليالي المظلمة في مدافن بعلبك والضاحية وغيرهما، وماذا عن الجثث في برادات الرسول الاعظم«؟

 

كل ذلك الكم من الخسائر، والحزب يتحدث عن «معارك« ضارية في القلمون السوري، وعن « تحرير« قرى ودساكر هنا او هناك هي بالاساس «محتلة» من قبل النظام السوري وحزب الله من وجهة نظر المعارضة السورية. كل تلك الخسائر المفجعة لبعض العائلات البقاعية والجنوبية وحزب الله يواصل نفث دخان اسود عبر وسائل اعلامه واعلام النظام السوري لاخفاء التصدعات الحادة في هيكل نظام البعث الساقط حكماً. ولكن ما هي حقيقة هذه الخسائر واسبابها؟ وهل فعلا تدور معارك عنيفة بين فصائل المعارضة السورية وحزب الله في قرى القلمون السوري، وهل رسمت «المعارك« خطوط تماس في عسال الورد و فليطه أو رأس المعرة ويبرود وغيرها على ما يدّعي «حزب الله«؟

 

الاجابة تأتي سريعا من ضابط ميداني في «جيش الفتح« نقل عنه قادمون من هناك خوض مقاتليه «حرب كمائن ضد مجموعات حزب الله اينما تواجد في القلمون السوري. فنحن نشن حرب عصابات حقيقية ضد المحتلين، لا خطوط تماس نقف خلفها، ولا مواقع ثابته تستدعي العسكر الايراني وأطفال حزب الله«.

 

ويؤكد: «نسير في هذه الجرود ليل نهار، ننام في المغاور والكهوف، ونلتحف السماء في اوقات كثيرة، كل ذلك بحثا عن مجموعات المحتلين، الافضلية لهم، نعم، الافضلية لمواجهة حزب الله، فنحن ننتظره في كل زمان ومكان على الارض السورية، وعليه ان يعلم ان احتلال ارضنا مكلف جدا، وما يقوم به ليس « نزهة«

 

ويضيف «من هنا، من هذه القاعدة في المواجهة، ترتفع خسائر حزب الله يوميا، وهي ستستمر في التصاعد الى حيث لا يتوقع. وعليه، لن يفيده لا اخفاء خسائره، ولا ذلك التنسيق المشبوه مع داعش، فهما وجهان لعملة واحدة، والا ما هو سر ذلك التنسيق الميداني بينهما؟ لقد اعلن نصرالله ان المعركة تعلن عن نفسها، فبدأ داعش بشن عمليات واسعة ضد الثوار، أمر مخزِ، لكنه ليس مفاجئا لنا لأن الارهاب ضد الشعب السوري اساسه ثلاثة: النظام، وحزب الله وتنظيم داعش، ومن خلفهم جميعا، نظام الملالي في طهران«.

 

ويجزم بأن «مدن وقرى القلمون بيد النظام السوري وخبراء ايرانيين ومعهم عناصر حزب الله، وتكرار الحديث عن حملة عسكرية للنظام وحزب الله لتحرير القلمون ليس سوى فيلم ايراني قصير، يخفي خلفه الكثير من الاكشن لغايات تخدم اجندة هذا النظام في سوريا ولبنان، وليس مستبعدا في الآتي من الايام، ان يختلق ممثلو هذا الفيلم سيناريوات عدة يراد منها توريط الجيش اللبناني، أو اعادة ضخ اسم عرسال واهلها ونازحيها الى الواجهة، وهنا، مقاومتنا جلية كالشمس، حرب لا هوادة فيها ضد الغزاة لارضنا فقط، وما يقع خارجها لا علاقة لنا به، بل فتشوا عن المخرج الايراني«.