فجأة أعلنت حالة الطوارئ ، وفكرّت البلدية بالدخان الأسود ، وبدأ اللجوء للإحصاءات ، وللغة الأرقام ، للتأكيد على الضرر .

لا يختلف اثنان على المخاطر ، ولكن من صمت لأعوام ما الذي أخرج صوت الحق من فمه الآن ، وأقصد رئيس المجلس البلدي (نوفل) .

من باب آخر ، لم تصمت الوزارة على الاتهامات والتظاهر (المدعوم سراً من القوات) ، بل لعبت على مبدأ ورقة بورقة ، ففي حين أثبتت البلدية أن المعمل لم يتم إنشاءه بتصريح بلدي ، أثبتت الوزارة ممثلة بوزيرها( نظاريان)  ومدعومة بالحايك (مدير مؤسسة شركة لبنان) ، أن المعمل في زمن إقامته ، لم تكن المناطق سكنية ، وإنما صناعية (يعني الحق عالمباني وعالسكان مش عالدخان ) ، وأكدّ الحايك أن نسبة التلوث انخفضت عن الأعوام السابقة بنسب مختلفة حسب نوع التلوث ، معلناً أن الفيلتر ليس عصا سحرية وأنهم يعلمون وفق شروط وزارة البيئة .

من باب آخر ، موضع الحايك انفعالات نوفل كأنها كيدية والتي سببها عدم قيام شركة الكهرباء بتمديدات للمجلس البلدي الجديد بسبب غرامة لم تدفع ، ونوفل يرفض دفعها !

وبغض النظر عن دوافع هذا ومبررات ذلك ، فالمسؤولية الكبرى هي سوء التخطيط ، فلبنان لا يملك وزارة للعمران والتخطيط ، لتدرج هذه المهمات على مكاتب وزارة الأشغال العامة .

وممّ لا يخفى أن وزارة الأشغال حققت فشلاً فيما يختص بالبنى التحتية المهترئة في لبنان ، أو من جهة الجسور التي أو تنفذ وتهمل ، أو تبقى قيد التخطيط ، أو ينفذ نصف جسر ، لتسرق مخصصات النصف الثاني !

فغياب وزارة مختصة بالعمران والتخطيط السكني هو  السبب الأول لهذه الأزمة  ، وعلى الرغم من التذرع بأن الحروب هي التي دفعت لقيام مناطق سكنية في منطقة هي بالأصل صناعية ، إلا أنه لا تبرير لتوسع العمل العمراني وللإقبال السكاني الذي اتخذ منحى متصاعد غير (ما في وزارة تخطط ولا دولة تراقب) .

لذا ، وتحت مبدأ ، كل وزارة تغني على ليلاها ، وبغياب التنسيق والتخطيط ، والتخصص ، فالدخان الأسود سينقلب سماءا سوداء ( وما بياكلها الا المواطن المعتر وصحته ) .

فالدولة الساكنة والساكتة عن مواطنيها ، لا يتأمل منه الشعب خيراً ، لتصبح قصة معمل الذوق على غرار معمل الجية ، قصص حافلة بالملوثات ، مسببة للأمراض من الربو كأخف درجة للسرطانات مع تصاعد عدد المصابين منها فس تلك المناطق .

ومن يحاسب !

لا أحد؟

فحق المواطن (مهدور) ، ومهما طالب ، لا ارتداد فعلي لصدى مطالبه -وهي حقوق أساسية - في اداراتنا (ادارات علي بابا).