وسط تعتيم إعلامي ملفت تعيش إيران حالة غليان شعبي، ليس في المناطق ذات الأغلبية الكردية فحسب، بل في مختلف المحافظات والمدن الإيرانية، بما في ذلك العاصمة طهران.

 

فقد شهدت إيران موجة احتجاج بدأت يوم الأحد الثالث من أيار/ مايو عندما أعلن بعض السجناء اضراباً عن الطعام لنقل زميل لهم الى زنزانة فردية، تبعها احتجاجات واسعة للمعلمين، فضلاً عن اندلاع اشتباكات في مدينة مهاباد الإيرانية يوم أمس الخميس.

 

ووصف النظام الإيراني موجة الاحتجاجات هذه بالمؤامرة التي تستهدف نظامه الإسلامي، وواصلت قواته الأمنية انتهاج أسلوب العنف المفرط في قمع تلك الاحتجاجات.

 

25 شخص اصيبوا في مهاباد

 

اندلعت اشتباكات مدينة مهاباد الإيرانية بين جماهير كردية غاضبة، تحمل الحجارة والعصي مع عناصر الأمن الإيرانية، على خلفية انتحار إحدى عاملات التنظيف في أحد فنادق المدينة .

 

واعترف السلطات الايرانية بإصابة  العشرت في النظاهرات التي وقعت امس الخميس في مدينة مهاباد الايرانية، وأفاد النائب السياسي والامني لمحافظ ارومية الإيرانية رادفر  ان 25 شخصاً اصيبوا سبعة منهم من العناصر الامنية.

 

ونفى رادفر، اطلاق النار على المتظاهرين خلال الاحتجاجات التي شهدتها المدينة، مهدداً بأن “صبر القوات الامنية لن يستمر اذا ما استمرت الاحتجاجات بهذا الشكل، وسترد هذه القوات بشكل اخر”.

 

وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي تشير المعلومات التي حصلت عليها شبكة رووداو الاعلامية من خلال الصور ومقاطع الفيديو الى ان عدد من المتظاهرين اصيبوا اثر اطلاقات نارية. ونفى رفدار ان يكون لعائلة الضحية اي دور في التظاهرات وتصعيدها، مضيفاً بان “حزبي كوملة والديمقراط يسعيان لدفع شباب مهاباد لتصعيد الازمة”.

 

وتناقل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً وفيديوهات للاشتبكات التي تم خلالها حرق بعض البنايات الحكومية .

 

وقال مصدر كردي مطلع من مهاباد رفض الكشف عن هويته لأسباب أمنية للعربية.نت إن قوات الأمن لجأت إلى العنف المفرط خلال تصديها للجماهير الغاضبة، حيث انهالت عليهم بالضرب المبرح فجرحت واعتقلت العديد منهم، وذكر المصدر أن الاحتجاجات بدأت على خلفية تعرض شابة كردية تدعى فريناز خسرواني لمحاولة اغتصاب، ما دفعها إلى رمي نفسها من الطابق الثاني لفندق كانت تعمل فيه كعاملة تنظيف، لتفارق الحياة على رصيف الشارع. وفي أسباب انتحار الشابة، محاولة أحد موظفي السياحة الاعتداء عليها جنسياً وذلك بالتواطؤ مع صاحب الفندق مقابل حصول فندقه صفة خمسة نجوم” .

 

 وذكرت شبكة رووداو الإعلامية الكردية نقلاً عن أسرة الضحية “أن السلطات الأمنية فتحت ملف التحقيق في ملابسات الحادث”، داعيةً سكان مهاباد إلى التأني لحين إعلان نتائج التحقيق”.

 

وتعليقاً على التظاهرات التي عمت الشوارع، قال المصدر إن انتحار فريناز كان بمثابة الشرارة التي فجرت احتجاجات مكبوتة نتيجة لتعرض الكرد في إيران إلى أنواع التمييز القومي والطائفي .

 

وأفادت شبكة رووداو نقلاً عن قائمقام مدينة مهاباد جعفر كتاني أن “ما نشر على مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص انتحار فريناز هو أضعف رواية للحادثة، داعياً الناس في المدينة إلى التأني لحين إعلان النتائج ومنح السلطات الأمنية وقتاً كافياً للبت في التحقيقات الجارية”.

 

اضراب المعلمون في طهران

 

بالتزامن مع  الاضطرابات التي شهدتها مدينة مهاباد الإيرانية،  بدأ صباح  الخميس السابع من  أيار/ مايو  المعلمون والتربويون  تجمعاتهم في طهران ومختلف المدن الإيرانية بما فيها مشهد وإصفهان وتبريز وزنجان وسنندج وهمدان وقزوين وشهركرد وسبزوار ودامغان وشيراز وساري وكرمانشاه وأهواز وبابل ومريوان واردبيل وقم وبوشهر وكتوند احتجاجاً على الأوضاع المعيشية الصعبة لهم ولعوائلهم.

 

وقال موقع منظمة مجاهدي خلق أنه في طهران احتشد 6000 معلم أمام برلمان النظام. وشكل هذا التجمع الذي بدأ في الساعة التاسعة والنصف صباحا وسط انتشار قوات الأمن الداخلي وعناصر المخابرات في الموقع منذ الصباح الباكر حيث كانت تحاول منع بلورة تجمع المعلمين بشتى الطرق.

وكتب المعلمون على لافتات كانوا يحملونها «أنا أصرخ بملء الفم مهما حصل ضد أجواء العاصفة والاضطهاد»  و«ليطلق سراح المعلم المسجون رسول بداقي» و«المعلم يقظ ويكره التمييز» و«نحن نطالب بتوظيف المعلمين في مراحل قبل الابتدائية والمعلمين المتعاقدين والتدريسيين» و«دراسة مجانية ومتساوية هي حق لجميع أبناء هذا الوطن» و «المعلم يصرخ والإعلام يكتم» و«أوقفوا خصخصة المدارس والمتاجرة بالتعليم».

وتأتي تظاهرة المعلمين في وقت كان الولي الفقيه للنظام الخامنئي قد أكد قبل يوم أن «على المعلمين أن يتوخوا الحذر من مؤامرات الأعداء والحاقدين على النظام الإسلامي الذين يريدون بذريعة معاش المعلمين إثارة شعارات باعثة للفتن وتنطوي على منحى واتجاه سياسي لكي يختلقوا إزعاجات للنظام» وبذلك فقد أعطى الضوء الأخضر لمنع تجمع المعلمين وقمعهم.

وفي السياق نفسه لجأ رجال القمع إلى استخدام مختلف أساليب التهديد والتوعد والتنكيل في محاولة لهم لمنع إقامة تجمعات المعلمين الاحتجاجية. وفي ليلة الأربعاء 6 أيار/ مايو أجبرت وزارة مخابرات النظام نقيب المعلمين الايرانيين المهنية وكذلك الناطق باسم المعلمين من خلال تهديدهما بتطبيق أحكام بحقهما بالحبس لمدة (10 و 9) أعوام على الاستقالة من منصبهما وأن يعلنا أنهما لن يشاركا في التجمع.

كما تم استدعاء عدد من المعلمين النشطاء في طهران ومختلف المدن الإيرانية من قبل رجال المخابرات وتم تهديدهم  أو تلقوا تهديدات هاتفية تطالب منهم بعدم المشاركة في تجمع يوم الخميس.

 

الخامنئي: مؤامرة الحاقدين تجاه النظام الإسلامي

 

بدوره وصف الخامنئي اعتراضات المعلمين  «مؤامرات الأعداء والحاقدين تجاه النظام الإسلامي» كونه « يختلق بحجة معيشة المعلمين إزعاجات للنظام باثارة شعارات باعثة للفتنة تنطوي على اتجاهات خطية وسياسية ».

 

ومع تصاعد الحشود أمام البرلمان الإيراني، اقتحم رجال الخامنئي الأمنيون المتنكرون بالزي المدني صفوف المعلمين المحتشدين أمام برلمان النظام بوحشية في الساعة الثانية عشرة والنصف من ظهر  الخميس 7 أيار/ مايو. وكان رجال القمع التابعون للولي الفقيه وبرفقة عناصر قوى الأمن قد حاصروا المعلمين المجتمعين أمام البرلمان واعتدوا عليهم بالضرب. ولكن رغم ذلك فان المعلمين واصلوا احتجاجهم ونادوا بمطالبة مستحقاتهم العادلة.

 

إضراب السجناء السياسيين في سجن كوهردشت عن الطعام دعماً للمعتقلين

 

من جانب آخر، ذكرت تقارير إعلامية في المعارضة الإيرانية، أن السجناء السياسيين في سجن كوهردشت بمدينة كرج أعلنوا اضراباً في السجن منذ يوم الأحد الماضي الثالث من أيار/ مايو، دعماً للمعلمين والعمال المسجونين.

 

وأوضحت التقارير أنه أضرب  عشرة سجناء  للاحتجاج على نقل المعلم السجين رسول بداقي إلى زنزانة انفرادية.

كما إنهم يحتجون على اعتقال ابراهيم مددي وداود رضوي عضوين أقدمين في نقابة سواق حافلات نقل الركاب في طهران واعتقال المعلمين والعمال بينهم الشاغلون في شركة «آزادكان» المعنية بالنفط. وهذان العضوان تم اعتقالهما من قبل عناصر مخابرات النظام بسبب احتجاجهما على طرد جماعي للعمال والمهندسين في الشركة وحل محلهم من قبل أفراد محليين.

 

(رياض خالد)