عندما كان يلقي امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله خطابا او يجري مقابلة كان الرئيس رفيق الحريري يقول للزميل نصير الاسعد : راقب لي اذا كان السيد حسن سيعرق ام لا ( اي هل سيتحدث بحدة ام بهدوء)، والمسألة لم تكن مرتبطة باجواء الطقس بل بالاجواء السياسية، فالرئيس الحريري كان مهتما دائما بمتابعة اجواء السيد نصر الله وحزب الله من خلال مراقبة مواقف وطريقة اداء السيد اضافة للمصادر الاخرى التي كان يعتمد عليها.

وانطلاقا من هذه القاعدة المهمة توقف الكثيرون امام الهدوء الكبير الذي اتسم به اداء السيد حسن نصر الله خلال القائه خطابه الاخير رغم ان الاوضاع السياسية والامنية والعسكرية في اليمن وسوريا والعراق ولبنان لم تتغير كثيرا عن الاسابيع الماضية والتي دفعت السيد للحديث بانفعال وتوتر في خطاباته السابقة حسبما اشار هو شخصيا. فلماذا هذا الهدوء الكبير والثقة الكبيرة التي حاول ان ينشرها في الرأي العام وفي الاوساط السورية واللبنانية واليمنية؟

تقول مصادر مطلعة على اجواء الحزب

:اولا ان هذا الهدوء له اسباب عديدة ولم يكن عفويا، والسبب الاول تخفيف حدة الاحتقان على صعيد الصراع مع السعودية وتيار المستقبل وذلك استجابة لمطالب جهات عديدة محلية واقليمية رغم عدم تغير الموقف من اليمن والسعودية.

ثانيا : ان هذا الهدوء من اجل طمأنة مناصري الحزب في لبنان والشعب السوري بعد التطورات الاخيرة في سوريا وللرد على الشائعات التي انتشرت بعد المعارك الاخيرة في سوريا وتراجع الجيش السوري عن بعض المواقع وما قيل عن تخلي ايران وروسيا وحزب الله عن الرئيس بشار الاسد.

ثالثا: لان المرحلة المقبلة والتي تفصلنا عن موعد توقيع الاتفاق النووي بين ايران والدول الكبرى في 30 حزيران المقبل ستكون حساسة ودقيقة ولذا لا بد من اعتماد خطابا مختلفا وهادئا بانتظار تبلور الاوضاع.

رابعا: ان ادارة معركة القلمون تتطلب اجواء داخلية هادئة وغير متوترة من اجل استيعاب ردود الفعل.

خامسا: ان الحديث الاميركي عن تقسيم المنطقة انطلاقا من العراق ارسل رسالة خطيرة لحزب الله وايران والحلفاء مما يتطلب ادارة جديدة للصراع دون التراجع عن المواقف الاساسية.

لكن هل سيظل هذا الهدوء مستمرا في مواقف واداء امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في خطاباته القائمة ؟

الجواب ليس سهلا لانه سيكون مرتبطا بالتطورات المتسارعة في الايام المقبلة في اكثر من ساحة، لكن من المهم القول ان الخطاب الاخير الهاديء ترك انطباعات ايجابية في العديد من الاوساط السياسية والشعبية والاعلامية رغم بعض ردود الفعل القاسية ، وهذا يؤكد ان هذا المنطق سيكون مؤثرا اكثر في المرحلة المقبلة.