كان تأكيد «تيار المستقبل» و«حزب الله» على استمرار الحوار بينهما أمراً متوقعاً، بالرغم من الأجواء المتوترة التي سبقت انعقاد الجولة الثامنة، طالما أن الطرفين حريصان على الاستقرار الداخلي وحماية السلم الأهلي من خلال السير قدماً بنزع فتائل التوتير الطائفي والمذهبي، وهذا ما أثار أجواء إيجابية على صعيد الشارع، وأثبت جدواه في التدابير والإجراءات الأمنية التي تم اتخاذها في الأيام والأسابيع القليلة الماضية في عدد من المناطق اللبنانية، ومن بينها أطراف الضاحية لجنوبية لبيروت، على طريق تنفيذ خطة كاملة ومتكاملة للعاصمة وضواحيها. ولأن الحوار بين «المستقبل» - «حزب الله» أراح الساحة الداخلية، فإنه سيتواصل وفقاً لخارطة الطريق التي وضعت له منذ الجولة الأولى، ولن يتأثر تالياً بالتجاذبات السياسية بين الأطراف وهذا ما حصل بعد ذكرى «14 آذار»، عندما تم تجاوز ردود الفعل على مواقف القوى التي اجتمعت في «البيال» وأعلنت عن إنشاء مجلسها الوطني، لأن هناك إرادة مشتركة من طرفي الحوار بضرورة استكماله، سيما وأن لا بديل منه وحتى لو لم يؤت ثماره المرجوة، فاستمراره أفضل بكثير من توقفه في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها البلد ولا يُحسد عليها.
واستناداً إلى المعلومات المتوافرة لـ «اللواء»، من أوساط المجتمعين، أنه فعلاً جرت عملية غسيل قلوب وكانت هناك مصارحة واضحة بين الفريقين وأبدى كل طرف وجهة نظره من المواقف التي صدرت في ذكرى «14 آذار» وما تلاها، شارحاً للظروف التي أملت اتخاذها، لكن في المقابل كان هناك توافق على أن مبررات الحوار لا تزال قائمة أكثر من أي وقت، مع استمرار التأزم في المنطقة وغياب المعطيات التي لا تؤشر لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، بالرغم من أن هذا الموضوع مُدرج على جدول أعمال المتحاورين، لكن الأولوية يجب أن تعطى في الوقت الحاضر للملف الأمني، على أن يستكمل البحث في بقية بنود جدول الأعمال ومنها الاستحقاق الرئاسي في مرحلة لاحقة، سعياً لتقريب المسافات التي لا تزال بعيدة من هذا الملف.
وتشير إلى أن هناك جهوداً تبذل لكي يصار إلى حماية النتائج الإيجابية التي حققها الحوار وتدعيم ركائز الإنجازات الأمنية التي تمخضت عنه، على أن يصار إلى إيجاد الظروف الملائمة لإنجاح الخطة الأمنية في العاصمة والضواحي، استكمالاً لما جرى في البقاع وطرابلس، في ظل وجود رغبة مشتركة بسد الثغرات الأمنية الموجودة، باعتبار أن بسط سلطة الدولة الأمنية والعسكرية على الضاحية الجنوبية سيريح «حزب الله» ويخفف عنه أعباء كثيرة لم يعد قادراً على تحملها، وهذا يدل على أن الحزب مستعد لتسهيل مهمة القوى الأمنية في تنفيذ مهامها داخل مناطقه، الأمر الذي يجعل حماية الحوار وتحصينه من التوترات أو التجاذبات التي قد تحصل، مطلباً لكلا الفريقين المتحاورين، في موازاة الحوار الجاري بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» والذي ساهم أيضاً بإراحة الساحة المسيحية وفتح قنوات تواصل أفضت إلى حصول تفاهم على الكثير من النقاط المشتركة التي أغلقت صفحة كبيرة من الخلافات على مدى أكثر من ثلاثين سنة، على أمل أن يكلل هذا التفاهم بحصول توافق، ولو بالحد الأدنى، على رئاسة الجمهورية تسمح للمسيحيين أولاً باختيار شخصية من المرشحين للرئاسة الأولى يمكن الإجماع عليها لتتولى المنصب المسيحي الأول في لبنان، ليصار إلى دعمه من المكونات النيابية وانتخابه لهذا المنصب وطي هذه الصفحة نهائياً.
والسؤال هنا: هل ستتمكن جلسات الحوار خاصة بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» من تجاوز العقبة الرئاسية في حال تم بحث هذا الموضوع في الجلسات المقبلة؟
تجيب مصادر نيابية بارزة في «تيار المستقبل»، لـ «اللواء»، بالقول إن هناك صعوبات كبيرة في أن يصل الفريقان إلى مقاربة مشتركة من هذا الملف الذي أصبح مرتبطاً بتطورات المنطقة، وبالتالي فإن قرار انتخاب رئيس للبنان أصبح بأيدي الخارج، وأكثر ما يمكن أن ينجزه هذا الحوار هو وضع مواصفات للرئيس العتيد، تبعاً لوجهة نظر كل طرف، ريثما يصدر القرار بالإفراج عن الاستحقاق الرئاسي. 

    بقلم: عمرالبردان