بعد الدعوة الأولى التي وجهتها جمعيّة شباب عبيه وبلدية عبيه- عين درافيل إلى وزير الزّراعة أكرم شهيب ووزير البيئة محمد المشنوق للمشاركة بحملة تشجير بعنوان "لنرجّع جبالنا خضراء" في 22/2/2015، علت صرخة أبناء منطقة الشّحّار الغربي رافضين مجيئ المشنوق إلى عبيه معتبرين أنه الممدّد لمطمر النّاعمة-عيد درافيل ولم يسجَّل له لمدّة سنة أي تحرّك أو محاولة للضغط على السياسيين لإقفال بركان الموت لا بل أقرّ التّمديد قبل أيام قليلة من الوعد المقطوع بالإقفال في 17/1/2015، ولم يلتمسوا منه أي تحرّك جدي مؤخّرًا في هذا الملف في مهلة الستة أشهر لإقفاله نهائيًا، وقالوا إن زيارته في هذا التّوقيت هي ضربة كف لكل من ناضل في هذه القضية.
وطرحوا تساؤلات عدة: هل في دعوة المشنوق ضرباً لصوت الحق المطالب بإقفال مطمر الموت و قبولاً بالتمديد وضرباً لتاريخ بلدة عبيه الحافل بالتضحيات والمواقف الأصيلة؟ وهل في دعوته قبولٌ بتحويل بلدة عبيه من نقطة إنطلاق حملات التّحرير إلى مطمر نفايات؟ وهل هذه الخطوة إذلالاً وتحقيراً لكرامات الناس والبلدات المحيطة بالمطمر؟
وبعد ذلك، "جاءت العناية الإلهية" حسب تعبير أبناء المنطقة حين كست الثلوج جبال لبنان وتأجل التّشجير إلى موعد لاحق بسبب رداءة الطقس وتجدّد العاصفه الثلجية. وقد تحدّد لاحقًا موعد النّشاط في 15/3/2015 ووجّهت دعوة جديدة لوزير البيئة على الرغم من إعتراض الأهالي والخضّة التي حدثت إثر العلم بدعوته، علمًا أن الوزير على علم تام بجميع الأحداث التي تحصل وردّات الفعل على زيارته، ومذ ذاك الحين تغلي منطقة الشّحار الغربي بين مؤيّد ومعارض تحسّبًا لأي حادث غير مستحب قد يحصل، ويتخوّف معظم أبناء المنطقة من حدوث فتنة وشرخ وتصادم بين الأهالي والمشاركين بالنّشاط وداعميه.
ويجمع النّاشطون في حملة إقفال مطمر النّاعمة وأهالي الشّحار الغربي بأنهم يرحبون بوزير الزراعة أكرم شهيب إلى المنطقة كونه ابن المنطقة ومن قدّم الشّتول والأشجار إلى الجمعية لتنصيبها، لكن المشكلة تقع في زيارة المشنوق نظرًا للرمزية التي يتّصف بها كوزير بيئة، وشدّدوا وكرّروا قائلين: "فليقفل المطمر أولاً ثم أهلاً وسهلاً به".
جمر تحت الرّماد
النّفوس تغلي والقلوب مشحونة.. والانقسام حاصل بين تيارين: الأول يتّجه نحو التّصعيد من هيئات المجتمع المدني وحملة إقفال مطمر النّاعمة وأهالي منطقة الشّحار الأحرار الرّافضين المساومة على قضيّة بركان الموت؛ وتيار آخر مصرّ على دعوة وزير البيئة من دون مراعاة أحاسيس أبناء المنطقة الذين خسروا الكثير من الأقارب والأحبة جراء أمراض سرطانية وجلدية مزمنة وتنشّق كل يوم الغازات السّامة على قطر 50 كلم في المحيط الدائري للمطمر.
ويشير الأهالي في عبيه والمنطقة إلى أنهم في حالة ترقّب لما سيحصل، فالخوف يكمن في الآتي والذي سيترك أثرًا راسخًا بين أبناء المنطقة لسنوات طويلة، ويتمنّون ألا تحصل صدامات، فجمعية الشّباب مقسومة بين مؤيد ومعارض لزيارة المشنوق، وكذلك الأمر داخل المجلس البلدي، وبين الأهالي أيضًا.
ما الحل إذن؟! وما تداعيات هذه الخطوة؟ ومن يتحمّل مسؤوليّة إحداث الفتنة والشّرخ في صفوف المواطنين وجمعية الشباب والبلدية. يوم الأحد القادم سيحمل الكثير من التّحديات، فهل ستكون نتيجته سيل من الدّماء؟! وهل يا ترى يقبل القيّمون والمؤتمنون على هذه المنطقة من نواب ووزراء ورؤساء بلديات بهذه التّشنّجات والأزمات؟ وما دورهم في إيجاد الحل وتخفيف حدّة الأزمة؟
ما من شكّ المعضلة ضخمة ويجب عدم الإستهتار بمواقف النّاس؛ وأي تصّادم قد يحدث ستتحمّل مسؤوليته الدولة اللبنانية والكيان المصغّر عنها أي البلدية، فبقدر ما تتاح الفرص للتلاقي وحل الأزمة، ستهدأ السّاحة وتقطع الطريق أمام الفتنة والتّصادم في المنطقة. ويا ليت وزير البيئة محمد المشنوق يعتذر عن زيارته إلى بلدة عبيه التي يقع 90% من المطمر في أراضيها في ظلّ الوعد المقطوع والذي لم ينفّذ بعد إلى حين أن يصبح ملموسًا على الأرض، وبالتّالي سيكون موقفه عظيمًا بنظر الأهالي وسُيعتبر موقفه إيجابيًا تجاه النّاس التي لم يرحمها المطمر لمدّة 17 سنة والتي لم ينظر السّياسيون في مطالبها ولو لمرّة واحدة منذ فرض هذا الإحتلال السوكليني عليهم ولم تقدّم الطّبقة السّياسية أيه تنازلات للحفاظ على سلامة المواطنين وبقائهم في أرضهم.