تُثبت الولايات المتحدة الاميركيّة يوماً بعد يوم، صدقيّتها في تسليح الجيش اللبناني الذي يقاتل الإرهاب على الحدود وفي الداخل ويبسط سلطة الدولة، وهذا ما عبّر عنه السفير الاميركي ديفيد هيل الذي كشف أنّ «لبنان هو اليوم خامس أكبر مُتلقّ في عالم التمويل العسكري الخارجي الاميركي».

تتطلّب المعركة مع الإرهاب سلاحاً نوعياً يتماشى مع قتال الجيش في عرسال ورأس بعلبك، وعلى كلّ شبر من الـ10452 كلم2، وقد أثبت الجيش أنّه يقف وحده سدّاً منيعاً في وجه تدفّق الإرهاب الى بلدنا، خصوصاً أنّ اللبنانيين يراهنون على دوره ولا يرون في السلاح غير الشرعي حامياً لهم، بل يعتبرون أنه يجلب الخطر على حامله وعلى جميع اللبنانيين.

في السابق، كانت المساعدات الأميركيّة تصِل عبر الطائرات، لكنها اليوم تصل عبر السفن الى مرفأ بيروت لأنّ الطائرة لا تستطيع حمل وزن السلاح المشحون. فقد رسَت أمس الاول باخرة الشحن «إم في أدفانتتج» M/V Advantage، التي تحمل 70 مدفع «هاوتزر M198» ونحو 26 مليون طلقة ذخيرة ومدفعية من مختلف الأعيرة، بما في ذلك المدفعية الثقيلة، إضافة الى سيارات رباعية الدفع، وقدّ تمّ إفراغ حمولتها يوم أمس.

يقف جنود فرقة العزف ينتظرون لحظات التسليم، يصطفون قرب بعضهم البعض، والى جانبهم رفاقهم الذين سيلقون التحيّة العسكريّة، منهم من ينظر الى البحر الهادئ نسبياً، وآخرون الى السفينة التي ستفرّغ مدافعها لتُنقل الى جبهات قتال لم تَسترح منذ 2 آب الماضي تاريخ إندلاع معركة عرسال، لكنّ العين العسكريّة ترى كل عسكري أينما وجد، وتلمس حاجته إلى الذخيرة، لأنّ المعركة مع الإرهاب طويلة.

تعزف الموسيقى، يتقدّم السلاح ترحيباً بوصول نائب رئيس أركان الجيش للتجهيز العميد مانويل كرجيان ممثلاً قائد الجيش العماد جان قهوجي، قبل أن يصِل السفير هيل. يترجّل ويسير برفقة كرجيان مشرفاً على عملية التسليم، يجول على المدافع والذخيرة التي ترتّب في أماكنها في المرفأ إيذاناً بنقلها.

بعض المدافع طُليَ باللون الزيتي والابيض، والبعض الآخر بالأصفر، لكنّ الاهميّة تبقى في قدرتها على تحقيق اهدافها القتالية، حيث يؤكد العميد كرجيان لـ«الجمهورية» أنّ مدى المدفع يبلغ 40 كيلومتراً، وهذا ما يحتاجه الجيش اللبناني في معاركه»، شاكراً لهيل وللسلطات الأميركية هذه المساعدة العسكرية القيّمة.

وعلى وقع استمرار التفريغ، يؤكد هيل أنّ «هذه الشحنة، من كرم الشعب الأميركي، وتبلغ قيمتها أكثر من 25 مليون دولار. وتتضمّن 70 مدفع هاوتزر M198 ونحو 26 مليون طلقة ذخيرة ومدفعية من مختلف الأعيرة، بما في ذلك المدفعية الثقيلة»، لافتاً الى أنّ «أكثر من 100 مليون دولار من المساعدات، قدّمت العام الماضي، وأكثر من مليار دولار قدمناها خلال الأعوام الثمانية المنصرمة».

ويلفت هيل إلى أنّ «هذه الأسلحة هي الأفضل من نوعها في السوق. وهو السلاح الذي يستخدمه جنودنا، ونحن فخورون بأنّ جنودكم الشجعان سيستخدمونه في القريب العاجل، إضافة إلى سلاح آخر كنّا قد قدّمناه سابقاً من أجل هزيمة التهديد المتطرّف والإرهابي المتمدّد من سوريا»، ويضيف: «نحن نقاتل العدو نفسه، لذلك كان دعمنا لكم سريعاً ومستمراً. وأنا واثق بأنّه مع المعدات المناسبة سيتمكّن جنود لبنان من الدفاع عن لبنان بنجاح».

وللتأكيد أنّ اميركا لا تبخل في تقديم المساعدات، يكرّر هيل أنّ «العتاد الذي نقدّمه هو ما طلبته قيادة الجيش اللبناني، وهو ما يحتاجه الجيش».
بعيداً عن زكزكات البعض وانتقاداته، فإنّ الجيش اللبناني، كما تجزم قيادته، قادر على حسم أيّ معركة إذا فرضت عليه، وقد جاء السلاح الاميركي ليشكّل سنداً أساسياً له، خصوصاً أنّ معظم ضبّاطه يتدرّبون في اميركا، لذلك فإنّ النتائج العملية ظاهرة على الارض لأنّ الجيش اللبناني هو الجيش الوحيد الذي هزم «داعش» والإرهاب في المنطقة.
    ألان سركيس