أيام قليلة كانت كافية لاستشراف ملامح المرحلة المقبلة من تاريخ المملكة العربية السعودية وذلك من خلال جملة من المقررات الملكية ألتي اتخذها العاهل السعودي الجديد الملك سلمان بن عبدالعزيز وجاوزت العشرين قرارا استراتيجيا في أقل من أسبوع من توليه الحكم (والحبل على الجرار  ). 

فعلى الصعيد الداخلي فقد شكلت قرارات الملك انقلابا كاملا قضى على كل آثار الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز قبل ان يتوارى جثمانه الثرى وذلك من خلال إعفاء الركائز الأساسية الثلاثة ألتي كان الملك عبدالله يبني حكمه عليها من مناصبها وهم الأمير متعب بن عبدالله والأمير بندر بن سلطان وطرد رئيس الديوان الملكي خالد التويجري من منصبه وهو الرجل الاقوى طوال السنوات العشرة الماضية التي حكم فيها الملك الراحل السعودية. 

وكان الملك عبدالله قد استحدث منصب ولي ولي العهد في المملكة لأول مرة وعين فيه الأمير مقرن بن عبدالعزيز المحسوب على معسكر ( متعب.  بندر. التويجري  ) في خطة كانت ترمي إلى أن يتولى متعب هذا المنصب لاحقا. وبذلك يضمن الملك عبدالله ان يكون ابنه هو أول الأحفاد الذين سينتقل اليهم الحكم في السعوديه.

وهذا كان موضع خلاف بين جناحي عبدالله وسلمان إلى أن تولى العاهل الجديد الملك سلمان الحكم ومنذ اللحظة الأولى قام بحسم الخلاف لمصلحة جناحه فاسند  هذا المنصب للأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز.

وبذلك يكون الأمير متعب بن عبدالله قد تلقى الضربة القاضية ألتي أطاحت به وخيبت أمله طوال حياته بعد أن كان منذ سنوات يعمل من اجل أن يصل لاحقا إلى العرش الملكي السعودي.

وكان الأمير متعب حليفا للرجل الأقوى خالد التويجري. أما الحليف الآخر لمتعب والذي كان يدفع باتجاه إيصاله إلى الحكم فهو الأمير بندر بن سلطان الذي كان قويا وبلغ ذروة قوته عندما تولى رئاسة جهاز الاستخبارات قبل ان يطاح به. 

  مصادر خليجية أكدت ان الأمير مقرن المحسوب على معسكر متعب والذي كان بمثابة جسر لإيصال متعب إلى الحكم. فسوف يقضى فترة قصيره وربما تكون قصيرة جدا في منصبه كولي للعهد ومن ثم سيتم اعفاؤه من المنصب حيث يتوقع أن يكون محمد بن نايف ولي العهد في القريب العاجل. وبذلك يكون قد تم القضاء على معسكر كان طوال سنوات ذو ثقل كبير في العائلة السعودية الحاكمة. 

ويعتبر ولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف صديق مقرب للولايات المتحدة الأميركية ولاقى في تعيينه استحسان لدى الدول الغربية لأنه يعتبر العدو الأول لتنظيم القاعدة  حيث تولى سحق هذا التنظيم ونشاطه في السعوديه بين عامي 2003 و2006 عندما كان قائدا لقوات الأمن السعودية وقد زار واشنطن عدة مرات وكانت زيارات مطولة.   

وفي جانب آخر يعتبر العاهل السعودي الجديد الملك سلمان بن عبدالعزيز انه ضد الإصلاحات حيث يرى. وكما نقل عنه أن ( الديمقراطية لا تناسب المملكة ولا يمكن ان تكون لدينا ديمقراطية في السعوديه. وإلا ستؤسس كل قبيلة حزبا وسنصبح مثل العراق وتنتهي بنا الأمور إلى الفوضى  ).

وجدير بالإشارة ان وجود الأمير محمد بن نايف إلى جانب الملك سلمان سوف يعزز من القيود على الحريات وستكون السلطة أكثر قمعية.  وأما القرارات الأخرى فكلها تصب في هذا المنحى وجاءت في ذات السياق من التغييرات التي تشكل انقلابا كامل الأركان قد حدث داخل مؤسسة الحكم في السعوديه أدى إلى إنهيار جناح (متعب. بندر. التويجري  )لمصلحة جناح الملك. وذكرت المعلومات ان التويجري تحت الإقامة الجبرية فيما لا يزال مصير الأمير متعب والأمير بندر غامضا.