يسجل لوزير الداخلية نهاد المشنوق، أنه في أول تصريحاته بعد تأليف حكومة الرئيس تمام سلام، حدد أولويات ثلاثا، بينها أولوية معالجة أوضاع سجن رومية المركزي، وقد حدد "الساعة الصفر" مرات عدة، بينها لحظة معركة عرسال ووقوع العسكريين اللبنانيين قيد الأسر، لدى تنظيمي "داعش" و"النصرة"، فصار التوقيت مرتبطا، بشكل أو بآخر، بمجريات التفاوض، خصوصا أن الخطة الموضوعة كانت تلحظ حتمية سقوط الدم وبالتالي تحمل الكلفة السياسية والأمنية لخيار هكذا عجز عن تحمله كل وزراء الداخلية وقادة قوى الأمن الداخلي من قبل.

 

وكان لافتا للانتباه أن المشنوق قرر تجاوز اعتراضات بعض الوزراء سواء من داخل "المستقبل" أم من "الوسط السياسي"، وأعطى توجيهاته لقيادة قوى الأمن الداخلي، بإعداد خطة متكاملة تتضمن كل الخيارات والاحتمالات، طالبا أن يقتصر تنفيذها على "المعلومات" و "الفهود"، وبإشرافه شخصيا.

 

وقد استفاد وزير الداخلية من الغطاء السياسي الذي منحه إياه المجلس الأعلى للدفاع ورئيس الحكومة تمام سلام، فقرر أن يحتفظ لنفسه، بالتوقيت، مخافة أن يؤدي التسريب إلى انتفاضة مسبقة تقطع الطريق على هذه العملية الفائقة الخطورة والحساسية.

 

وقعت جريمة جبل محسن، فقرر وزير الداخلية أنه التوقيت المناسب للتنفيذ، خصوصا أن عملية تعقب الاتصالات وتحليلها أظهرتا أن جزءا كبيرا من العملية التي تمت في جبل محسن، مساء يوم السبت الماضي، أديرت من المبنى (ب) في سجن رومية.

 

وفور خروجه من الاجتماع الأمني الذي عقده، الرئيس سلام، في دارته في المصيطبة، ليل أمس الأول، أبلغ المعنيين بجعل فجر الاثنين (السادسة والنصف صباحا) ساعة الصفر، وتم وضع قيادة الجيش في أجواء العملية (تم تشكيل غرفة عمليات بأمرة العميد شامل روكز).

 

وبالفعل، نفذت العملية فجرا "بطريقة محترفة ومتقنة من الدرجة الأولى" على حد تعبير وزير الداخلية، و"من دون أي نقطة دماء"، ونجح 190 ضابطا وعنصرا من "المعلومات" و "الفهود" في نقل 866 سجينا من المبنى (ب) إلى مبنى جديد محكم الضبط، ومجهزة غرفه بأبواب حديدية.