يُنتظر مع انحسار العاصفة الثلجية التي تضرب لبنان والمنطقة، أن يتفاعل ملف الإجراءات اللبنانية الحدودية بخصوص السوريين القادمين الى لبنان، من زاوية اختبار فاعلية الإجراءات نفسها من جهة وردة الفعل السورية المحتملة من جهة ثانية.

 

وذكرت صحيفة "السفير" أن "السلطات الرسمية اللبنانية المعنية اكتفت بإرسال نسخة خطية من الإجراءات الى الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني ـ السوري نصري خوري، فيما تم تجاهل دور السفارة السورية في لبنان، برغم استمرار العلاقات الديبلوماسية بين البلدين والجولات التي يقوم بها السفير السوري علي عبد الكريم علي على القيادات اللبنانية".

 

وأبلغت مصادر لبنانية واسعة الإطلاع "السفير" أن "السلطات السورية تدرس الإجراءات اللبنانية، وهي اعتبرتها خرقًا صريحًا للمعاهدة اللبنانية ـ السورية وتأزيمًا للعلاقات". ولم تستبعد "احتمال إقدام السلطات السورية على إجراءات معينة على قاعدة المعاملة بالمثل".

 

وأشارت الى أن "خط "الترانزيت" البري عبر الأراضي السورية هو الشريان الحيوي الوحيد بين لبنان والدول العربية، فماذا إذا قرر الجانب السوري إقفاله، ومن يضمن ألا يتكرر مشهد أرتال الشاحنات اللبنانية المتجمعة قرب المعابر البرية". وسألت: "كيف ستتصرف السلطات اللبنانية، وأية ردة فعل سيقدم عليها التجار وأصحاب الشاحنات وآلاف العائلات اللبنانية التي تعتاش من وراء تصدير المواسم الزراعية الى الأسواق العربية عبر البوابة السورية ـ الأردنية".

 

ولفتت الى أن القرار الأخير للأمن العام اللبناني "لم يناقش في مجلس الوزراء، بل اتخذته خلية الأزمة الوزارية المعنية، وقد يكون محقاً من زاوية المخاوف اللبنانية المتعاظمة من تضخم حجم الكتلة السورية النازحة الى لبنان (مليون ومئة ألف مسجلون في لوائح المفوضية العليا للاجئين، وحوالي 250 ألفاً غير مسجلين)، لكن هل تم احتساب ردة الفعل السورية والتداعيات المحتملة لبنانيًا".

 

وحول المقصود من التداعيات، قالت المصادر نفسها لـ"السفير" إن القرار "سيؤدي تلقائيًا الى تفاقم ظاهرة النزوح غير الشرعي عبر معابر تهريب لم تقفل وأخرى ستنشأ حديثًا، وثمة مؤشرات واضحة في هذا الاتجاه، فكيف ستتصرف الدولة اللبنانية إزاء واقع النزوح غير الشرعي"؟.

 

وأشارت المصادر الى أن الأمن العام اللبناني "سيجد نفسه عاجزًا، مهما ضاعف أرقام عناصره في النقاط الحدودية، عن تلبية موجبات انتقال آلاف السوريين يوميًا، وهو أمر سيطرح إمكانية إعادة النظر، خصوصًا أن عددًا كبيرًا من السوريين يجتازون الحدود أسبوعيًا أو شهريًا لأجل تفقد ممتلكاتهم (شقق أو عقارات أو مؤسسات) أو تحويل مبالغ أو استلام مبالغ أو لأجل ابتياع أساسياتهم من المؤن، وثمة آلاف يعبرون الحدود للسفر عبر مطار بيروت، فهل ستتم معاملة هؤلاء سواسية، وهل يقفون بالطوابير ويحتاجون الى تأشيرات دخول كغيرهم ممن تنطبق عليهم صفة النزوح".

وحذرت من "تفاقم ظاهرة "المافيات" الحدودية (الأمنية والجمركية والمدنية)". وقالت إن القرار الأخير "يشكل نوعًا من الهروب الى الأمام". وأشارت الى أن الأغنياء السوريين "لن يجدوا صعوبة في الحصول على التأشيرات حتى قبل عبورهم الحدود نحو لبنان، أما الفقراء السوريون المعدمون، فإن قدرهم المحتوم أن يفاضلوا بين نار ونار على أرض بلدهم".