بينما تنهمر الأمطار وتتدفق السيول، منبئةً بالخير والتفاؤل بمواسم خضراء.. تتنزل التعويضات على أهل التبانة بالقطارة، شحيحة كقطرة ماء في وسط الصحراء...

يعيش أبناء التبانة ظروفاً شديدة الصعوبة، خاصة بعد المعركة الأخيرة التي أسفرت عن دمار هائل في المنطقة، شمل البيوت والمؤسسات والشوارع والبنى التحتية كلها..

لم تستطع التعويضات المقررة أن تماشي حاجات الناس الملحة إلى إصلاح المنازل، فباغت الشتاء الناس، وعانى كثيرون منهم مشقة المبيت الإجباري في بيوت تتسرب إليها المياه، وتخرج من أرضيتها "الينابيع".. ويفتقر أصحابها إلى الأثاث وإلى ضروريات الحياة..

نماذج مبكية

ــ صاحبة منزل مدمر باشرت إصلاح المنزل، ودعت العمال إلى الترميم على أساس أنها تنتظر المال من الهيئة العليا للإغاثة. وبعد أن شارفت الورشة على الانتهاء، وبدأت الفواتير تستحق، وصل شيك الهيئة العليا للإغاثة.. وكانت الصدمة أن قيمته كانت 150 ألف ل.ل. فقط لا غير، فوقعت الواقعة، وأُسقط في يد تلك السيدة المسكينة.

ــ شبان ذهبوا إلى الملعب الأولمبي لقبض شيكات عائدة لهم، فكان نصيبهم كشف على النشرة، فإذا بلعنة وثائق الاتصال تلاحقهم، فيلقى القبض عليهم، ويتحولون إلى موقوفين، ليقف معهم التعويض وتنشأ مشكلة أخرى مركبة..

ــ عائلة أخرى، لا تمتلك من الأثاث شيئا، حتى الأغطية لا تجدها، ولا تملك شراءها، ولا أحد يمدّ لها يد العون..

تبلغ الأضرار في التبانة نطاقاً واسعاً، ومنها مؤسسات بناها أصحابها بتعب السنين، تطايرت مع الصواريخ والقذائف، وأصبحت قاعاً صفصفاً، وتطاير معها نمط حياة مئات من الأهالي الذين كانوا أصلا يناضلون في منطقة وبيئة فقيرة، فكيف بات حالهم الآن؟؟!!

تتكاثر الشكاوى في التبانة من الأهالي، الذين تحركوا بشكل تلقائي منذ مدة، لكن كثيرين بلغ اليأس منهم مبلغه فقرروا الغرق في الصمت والإقلاع عن المطالبة لدولة لا تشعر بمعاناة أبنائها، ولا تعطي ظروفهم الأولوية أو الرعاية أو الاهتمام..

 

 

مطلوب آلية تتجاوز الروتين ولا تقع في الفساد

عندما بدأ الحديث عن التعويضات، قلنا إن الأمر لا يحتمل الروتين ولا التقارير المملة التي تفوح منها رائحة الفساد أو التواطؤ على مصالح الناس، خاصة أن التجارب السابقة لا تشجع سوى على إساءة الظن، منذ افتضحت مخالفات الرئيس السابق للهيئة العليا للإغاثة.

اليوم، اللواء محمد خير، رجل نظن به كل خير، ولكنه وخشية الوقوع في مطبات الأخطاء والاختراق من الفاسدين والمفسدين، يضطر إلى السير على الروتين الإداري، وهذا لا يتناسب مع مستلزمات واقع الحال، لذلك المطلوب من رئاسة الوزراء إيجاد آلية سريعة وشفافة، ترفع الحرج عن اللواء خير، وتضمن المساعدة العاجلة للمواطنين.

الكشف عن هذه الأضرار ليس كشفاً عن الحجر فقط، بل هو استكشاف لأحوال البشر، والغاية هي التعويض عن الخسائر المادية للتخفيف من الكارثة المعنوية.

لذلك، المطلوب تدخل من الرئيس تمام سلام مباشرة لإيجاد الآلية المفقودة في التسريع بقضاء حوائج أهل التبانة، أقله للتخفيف من مصابهم بعد أن وقع البلاء.