تستمر التحضيرات لبدء الحوار المباشر بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» برعاية الرئيس نبيه بري وبدعم من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وبرعاية دولية وعربية وإسلامية. وخلال الأيام الماضية عقدت سلسلة لقاءات بين مستشار الرئيس سعد الحريري نادر الحريري، ومستشار الرئيس نبيه بري الوزير علي حسن خليل، والوزير وائل أبو فاعور من أجل التحضير للحوار وتحديد محاوره وتوقيت انعقاده وتحديد مكانه وأسماء الوفدين المحاورين. وقد حسم الرئيس سعد الحريري نقاط الحوار عندما أعلن في مقابلة تلفزيونية ان الحوار سيشمل الانتخابات الرئاسية وتشكيل حكومة جديدة وإجراء الانتخابات النيابية بعد إصدار قانون انتخابي جديد. وأوضح الحريري ان الخلاف حول دور «حزب الله» في سوريا سيظل قائماً وان الحوار لن يشمل حالياً ملف سلاح الحزب أو المحكمة الدولية في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري. لكن مصادر مطلعة أشارت إلى ان الأوضاع الأمنية وحماية الاستقرار الأمني ستكون أحد المحاور الأساسية في الحوار، ولا سيما بعد الاعتداء الأخير على الجيش اللبناني في جرود رأس بعلبك وسقوط ستة شهداء للجيش. فما هي الأسباب التي ادت إلى المسارعة في إطلاق الحوار بين «حزب الله» و«تيار المستقبل»؟ وإلى ماذا سيؤدي هذا الحوار؟ وهل سيساعد فقط في حماية الاستقرار الأمني أم سيؤدي إلى حصول الانتخابات الرئاسية وتشكيل حكومة جديدة وإجراء الانتخابات والتمهيد لتسوية سياسية شاملة؟ أسباب العودة لطاولة الحوار في البداية، لماذا وافق رئيس «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري اليوم على العودة إلى طاولة الحوار رغم استمرار الخلاف مع «حزب الله» بشأن الأزمة السورية والمحكمة الدولية ووجود ملفات عالقة واتهامات متبادلة بين الطرفين؟ تقول مصادر مطلعة على اجواء التحضير للحوار ان هناك عدة اسباب دفعت الرئيس سعد الحريري و«تيار المستقبل» إلى الموافقة على العودة للحوار المباشر مع «حزب الله» رغم عدم تغير المواقف حول معظم الملفات الخلافية، ومن هذه الأسباب الأوضاع الأمنية غير المستقرة في لبنان والمنطقة والحرب الدولية والإقليمية على تنظيم داعش والخوف المستمر من تعرض لبنان للمزيد من التحديات الأمنية، وهذا يتطلب التعاون بين جميع الأطراف لمواجهة هذا الخطر. والسبب الثاني الإلحاح الداخلي والأقليمي والدولي على ضرورة انتخاب رئيس جديد للبنان وانتظام الحياة الدستورية، وهذا لا يحصل إلّا بالحوار المباشر بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» الذي يمهّد للحوار بين كل الأطراف للاتفاق على رئيس جديد. والسبب الثالث ان القوى الدولية والإقليمية وخصوصاً أميركا ودول أوروبا وإيران والسعودية شجعت الأطراف الداخلية على الحوار والجلوس إلى طاولة واحدة، لأن جميع هذه الأطراف تريد حماية الاستقرار الداخلي ومنع انزلاق لبنان إلى أزمة سياسية كبرى وفتنة مذهبية في ظل ما يحصل في دول المنطقة وبعد التحذيرات التي أطلقها المسؤولون اللبنانيون وفي مقدمهم قائد الجيش اللبناني جان قهوجي ووزير الداخلية نهاد المشنوق من التخوف من حصول تطورات دراماتيكية في الأسابيع المقبلة. إذن، إن الطرفين بحاجة للجلوس إلى طاولة الحوار وهناك ضغوط وتمنيات خارجية لتحقيق هذا الأمر، لأن مجرد قبول الأطراف بالحوار سيسهم في التخفيف من الاحتقان الداخلي ويمهّد للاتفاق على معالجة الملفات الأساسية. نتائج الحوار المتوقعة لكن ما هي النتائج المتوقعة من الحوار وهل سيؤدي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة وإجراء الانتخابات النيابية تمهيداً لتسوية شاملة؟ أم سيقتصر الأمر على تهدئة الأجواء الداخلية وحماية الإستقرار الأمني؟ تقول المصادر المواكبة للحوار: ان مجرد قبول الطرفين الجلوس على طاولة الحوار يشكل رسالة إيجابية للداخل والخارج، لكن جميع الأطراف المعنيين بالحوار وخصوصاً راعي الحوار الرئيس نبيه بري والأطراف الخارجية تريد من هذا الحوار ان يحقق إنجازاً مهما يتمثل بالحدّ الأدنى بانتخاب رئيس جديد للجمهورية يحظى بدعم وموافقة جميع الأطراف اللبنانية وخصوصاً العماد ميشال عون وقوى 14 آذار، لأن أي اتفاق بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» لا يحظى بموافقة الأطراف المسيحية الأساسية لن يكتب له النجاح. وتضيف المصادر انه في حال الاتفاق على رؤية موحدة لطبيعة الظروف الداخلية والخارجية، فإن ذلك سيساعد في التمهيد لانتخاب رئيس جديد ومن ثم تشكيل حكومة جديدة والاتفاق على قانون انتخابات جديدة ومن ثم إجراء الانتخابات قبل انتهاء مهلة التمديد لمجلس النواب الحالي. أما الحدّ الأقصى المتوقع من هذا الحوار فأن يشكل مدخلاً للتوافق حول معالجة أزمة التدخل في الأزمة السورية والتعاون المشترك لمواجهة التطرف والوقوف بوجه تنظيم داعش، وهذا التوقع مرتبط بما يجري من اتصالات من أجل حل الأزمة السورية برعاية روسية ودعم أميركي-تركي-سعودي-إيراني، مع أن هذا الطرح ليس سهلاً ولا يبدو ان هناك إمكانية لتحققه في القريب العاجل. باختصار، إن مجرد جلوس «حزب الله» و«تيار المستقبل» إلى طاولة حوارية واحدة سيكون له تداعيات إيجابية داخلياً وخارجياً، ولكن المهم تحقيق إنجازات عملية تساعد في إخراج البلد من مآزقه الأمنية والسياسية، ما يمهّد لتسوية شاملة، وهذا ما ينبغي العمل له بين جميع الأطراف اللبنانية.