"سمن على عسل". هكذا يمكن وصف العلاقة بين "حركة أمل" و"القوات اللبنانية"، على المستوى النيابي على الأقل. يؤكّد الطرفان أنهما في معسكرين متواجهين، لكن ذلك لا يحول دون التناغم بينهما في عدد من الملفات.   أنطوان زهرا، لا علي حسن خليل، هو "الابن المدلّل" للرئيس نبيه برّي! هذا ما يؤكّده عدد من النواب مع قليل من المبالغة. في الجلسات العامة، يبدو التناغم واضحاً بين الرجلين: "يقرّقان" معاً على بعض النوّاب، ويتبادلان الأوراق الصغيرة. إذا دوّن المدير العام للجلسات واللجان رياض غنام أو الأمين العام للمجلس عدنان الضاهر حادثة في المحضر لا يريد بري تسجيلها، تكفي غمزة منه لنائب البترون حتى يُحلّ الأمر.   وما إن يغادر زهرا مقعده المجاور للرئيس، كونه عضواً في هيئة مكتب المجلس، حتى ينادي عليه الأخير "ناهراً" إياه للعودة الى مقعده ليعودا الى تبادل الهمسات والغمزات. فيما لا يفوّت "رأس الحربة القواتية" مناسبة لـ"الأنغلة" على رئيس المجلس، وآخرها طلبه الكلام خلال جلسة التمديد، مقترحاً "انتخاب رئيس جديد للمجلس".   ليست العلاقة بين برّي وزهرا ناجمة عن فعل "الكيمياء" الشخصية بينهما فحسب، بل هي، على الأرجح، نتيجة قرار بين الطرفين بعدم التصادم رغم الخلاف السياسي بينهما ووجود كل منهما في معسكر مضادّ للآخر. تقول مصادر قواتية إن النظرة الإيجابية الى بري مردها أنه "لاعب وسطي يسعى الى الأخذ برأي الجميع. وتلعب شخصيته دوراً مهماً في الكيمياء بيننا"، رغم أن القوات لم تصوّت لبرّي في انتخابات رئاسة المجلس عام 2009.   العلاقة بين معراب وعين التينة محصورة بالنائب جورج عدوان، فيما يهتمّ زهرا بمراجعة طلبات الحزب لدى رئيس المجلس، وهما، بحسب المصادر نفسها، "يحرصان على عدم الاصطدام مع بري داخل المجلس أو خارجه". وحتى في عزّ الانقسام السياسي، لم تصل لهجة أي من نوّاب القوات ضد برّي الى المستوى الذي بلغته لهجة نوّاب تيار المستقبل، مثلاً، ومنهم عضو هيئة مكتب المجلس الآخر أحمد فتفت. المصادر القواتية تعزو ذلك الى أن "الحركة هي الطرف الشيعي الوحيد الذي يمكننا التحاور معه، ومن خلاله توجيه رسائل الى حزب الله".   رئيس المجلس، من جهته، يجيد هو الآخر اختيار وسائله لإيصال الرسائل. فهو، مثلاً، كان يُدرك جيداً أن القوات كانت ستؤمّن، عاجلاً أو آجلاً، الغطاء المسيحي لجلسة التمديد لمجلس النواب تحت ضغط تيار "المستقبل". لكنه آثر إلا أن يمرّر "باسّ" الى معراب عندما أصرّ على أن ميثاقية جلسة التمديد لن تتحقّق إلا بحضور "القوات" أو "التيار الوطني الحرّ". وهذه "هدية" كان القواتيون يحتاجون إليها بشدّة في حفلة المزايدات المسيحية قبيل التمديد.   تؤكد المصادر القواتية حرص حزبها على صون العلاقة المستجدة مع رئيس المجلس، والبناء عليها في المرحلة المقبلة، مع إقرارها بأن ذلك لن يؤدي الى تغيير في الموازين السياسية. والأمر نفسه تؤكّده مصادر "حركية" تشير الى "أننا مختلفون سياسياً"، و"ربما لا يتظهّر هذا الخلاف كثيراً لأنه لا مناطق احتكاك بين قواعدنا، لذا من الطبيعي أن لا نتصادم". وللدلالة على هذا "الخلاف"، تشير المصادر الى "أننا ضد سمير جعجع كمرشح للرئاسة، لا بل إن مرشّحنا هو خصمه". أما في موضوع التمديد للمجلس النيابي، فـ"نحن لم نؤثر على خيارهم. الضغط أتى من المستقبل". أما لدى المقارنة بين النواب القواتيين وزملائهم العونيين، فيقرّ المصدر "الحركي" بأن "العمل مع الأخيرين صعب، على رغم أن توافقاً سياسياً يجمعنا، فيما الشغل مع القوات يسير بسلاسة أكبر". كما يتحدث عن "إيجابية يعكسها عدوان في كل مرة يزور فيها عين التينة. ما في الواحد يزعل منو". ولا تبدي المصار انزعاجها من لعب القوات على التمايز بين أمل وحزب الله "رغم أنه ليس من مصلحتنا".   يؤكّد النائب ياسين جابر لـ"الأخبار" أنه "لا نقاط مشتركة في السياسة مع القوات"، مستدلاً بـ"عدم مشاركتنا في اجتماعات لجنة عدوان لدرس التعديلات على سلسلة الرتب والرواتب. كما أن القوات لم تشارك في جلسات الحوار التي دعا إليها رئيس المجلس". لكنه يلفت الى أن "الحرب الأهلية علّمتنا أن عزل أي فريق يؤدي الى الانفجار. كل الأفرقاء هم جزء من المجتمع. والرئيس بري يحرص على ألا يستثني أي كتلة".