كتبت “السفير” تقول، لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الرابع والثمانين بعد المئة على التوالي. أمام استعصاء المخارج المحلية من المأزق الرئاسي، خصوصا بعد ردود الفعل السلبية على الاقتراح الأخير للعماد ميشال عون، فإن المتخصصين بالرصد وفك الشيفرة، ركزوا على متابعة أخبار المفاوضات النووية بين إيران ومجموعة “5+1″. وتحسبا لكل الاحتمالات، يواصل الرئيس نبيه بري مسعاه الهادف الى جمع “حزب الله” و”تيار المستقبل” حول طاولة حوار ثنائي، إما لملاقاة التفاهمات الخارجية إذا تمت، وإما للحد من تداعيات أي تعقيد إضافي في الوضعين الإقليمي والدولي على الداخل اللبناني الهش أصلا. ويبدو ان شوطا لا بأس به قُطع على طريق إنضاج مقدمات الحوار، لاسيما لجهة تجاوز مطب الشروط المسبقة، فيما يتركز النقاش حاليا حول طبيعة جدول الاعمال والآليات التقنية، علما انه من المتوقع ان تحمل الإطلالة التلفزيونية للرئيس سعد الحريري، الخميس المقبل، إشارات أكثر وضوحا الى المسار الذي سيسلكه مشروع الحوار مع “حزب الله”. وكان اللقاء الذي عقد قبل قرابة اسبوعين بين بري من جهة والرئيس فؤاد السنيورة ونادر الحريري من جهة أخرى مفصليا وتأسيسيا في تحريك العجلة الى الأمام. وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ”السفير” ان هذا اللقاء كان صعبا للغاية، موضحة ان بري بذل خلاله جهدا مضنيا لحلحلة العقد المستعصية التي كانت تواجه مبدأ حصول الحوار. يومها، طرح السنيورة لائحة طويلة من المواد الخلافية مع “حزب الله”، والتي تشكل برأيه عقبة امام التواصل الثنائي المباشر، فلما انتهى من الشرح المستفيض، توجه اليه بري بالقول: دولة الرئيس.. لهذه الاسباب بالذات، يجب ان يحصل الحوار بينكم وبين الحزب، وإلا ما المبرر له، لو ان كل شيء على ما يرام. بري متفائل وقال الرئيس بري امام زواره أمس انه لا يزال على تفاؤله بقرب انطلاق الحوار بين “تيار المستقبل” و”حزب الله”، معتبرا ان نسبة نجاحه وفق المعطيات الحالية تتجاوز الـ51 في المئة. وشدد على ضرورة عدم تقييد الحوار بأي شروط مسبقة، لافتا الانتباه الى ان وضع مثل هذه الشروط يلغي فلسفة الحوار الذي يجري عادة بين مختلفين لمعالجة ما يفرق بينهما، أما إذا كانت كل الامور ستطرح مسبقا، قبل الجلوس الى الطاولة، فأي جدوى تبقى للحوار بعد ذلك. وأضاف: أعتقد ان هذه النقطة حُسمت، وأصبحت خلفنا. وأوضح ان البحث يتركز حاليا على إعداد جدول الاعمال، مشيرا الى ان المهم ان ينطلق الحوار أولا على مستوى العلاقة الثنائية بين “حزب الله” و”المستقبل”، وبعد ذلك فان للطرفين الحرية في مناقشة ما يريدان من مواضيع خلافية. واعتبر انه ليس إلزاميا ان يُعقد الحوار في عين التينة، “إذ ربما يُعقد هنا او في أي مكان آخر يتفق عليه الطرفان”، متوقعا ان يبدأ الحوار في المرحلة الاولى من مستوى قريب الى القيادة العليا لدى الجهتين. ورأى ان الموقف السعودي الاخير من “حزب الله” لا يؤثر على الاستعدادات الحاصلة لترتيب الحوار، متوقفا عند “موقف بهذا المعنى للسفير السعودي علي عواض العسيري الذي سألتقيه قريبا”. كما رأى ان ملف المحكمة الدولية لن يترك انعكاسات سلبية على الجهد الذي يبذله للجمع بين الفريقين. وشدد على ان هناك بالفعل اشارات ايجابية، داخليا وإقليميا، في ما خص الاستحقاق الرئاسي، داعيا في هذا الإطار الى ترقب مسار المفاوضات النووية في فيينا. السنيورة.. وقواعد الحوار وأكد الرئيس فؤاد السنيورة لـ”السفير” انه يجب إعطاء مرحلة التحضير للحوار مداها، لافتا الانتباه الى انه لا يمكن بعد، القول ما إذا كان هناك تقدم ام لا على هذا الصعيد، “وأعتقد ان الرئيس سعد الحريري سيعطي مؤشرا حول الاتجاه الذي ستسلكه الامور خلال المقابلة التلفزيونية الخميس المقبل”. وأضاف: لا نزال “نشتغل” على موضوع الحوار مع الرئيس بري، ونحن نتروى في متابعته، ونتطلع اليه بهدوء. واشار الى وجود قضايا خلافية أساسية “بيننا وبين “حزب الله”، لكن إزاء المخاطر الكبرى المتصاعدة لا بد من إيجاد طريقة لمعالجة بعض المشكلات المحددة، بشكل يساعد على تهدئة الاجواء الداخلية”. وردا على سؤال عما إذا كان الموقف السعودي المطالب بإدراج “حزب الله” على لائحة المنظمات الارهابية سينعكس سلبا على مشروع الحوار مع الحزب، أجاب السنيورة ان الموقف السعودي “أتى ردا على تدخل حزب الله في سوريا، ويجب النظر اليه من هذه الزاوية تحديدا، وليس من الزاوية اللبنانية”. وعما إذا كانت هناك شروط مسبقة لدى “تيار المستقبل” للخوض في الحوار، قال: على الاقل، ينبغي تحديد قواعد للحوار. وحول موقفه من استعداد العماد ميشال عون للمشاركة في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية إذا حُصرت المنافسة بينه وبين رئيس حزب “القوات” سمير جعجع، اعتبر السنيورة ان هذا الاقتراح يتعارض مع أبسط قواعد الدستور والديموقراطية، لانه لا يجوز حرمان أي صاحب حق من الترشح الى الرئاسة. الخليل: لا شروط مسبقة من جهته، قال المعاون السياسي للأمين العام لـ”حزب الله” الحاج حسين الخليل لـ”السفير”: ما زلنا مؤمنين بسياسة مد اليد التي أطلقها السيد حسن نصرالله مؤخرا ونحن كنا وما زلنا مع حوار من دون شروط مسبقة. وردا على سؤال حول الآليات، أوضح الخليل أنه على الصعيد التقني، “ما زلنا ننتظر الآلية التي يعمل الحلفاء والأصدقاء على إنضاجها”. وفي شأن “قواعد الحوار” التي يدعو “المستقبل” إلى تحديدها مسبقا، أشار الخليل الى أنه “بطبيعة الحال، المهم هو الاتفاق على جدول الأعمال، خصوصا وأن الرئيس نبيه بري يعمل على إنضاج شيء ما، لا يجوز استباقه”. سلام: مطبخي هو الحكومة وفي سياق متصل، قال الرئيس تمام سلام لـ”السفير” إن الرئيس بري يحاول مع الكتل والقوى السياسية الوصول إلى تفاهم أو انفراج، سواء حول الحوار بين “حزب الله” و”المستقبل”، أو بين “المستقبل” و”التيار الوطني الحر”، أو بين “التيار الحر” و”القوات اللبنانية”. وأشار سلام الى أن “هذا الأمر يقوم به بري ليس بصفته فقط رئيساً للمجلس بل أيضاً كرئيس لكتلة نيابية وسياسية كبيرة، وهذا المطبخ هو مطبخ الكتل النيابية”، وتابع: أنا ليست لدي كتلة نيابية أو حزب سياسي، وبالتالي مطبخي هو الحكومة، أما مطبخ الكتل النيابية فهو تشريعي في المجلس، والقرار فيه ليس عندي