جولة أخرى من جولات المواجهة، يكسبها وزير العدل اللواء أشرف ريفي في وجه سياسة الظلم والاستقواء، سياسة الافتراءات والفبركات، سياسة التهم المجهّزة في الغرف السوداء.

ساعات قليلة كانت كفيلة بأن ينقلب «السحر على الساحر»، بعد زيارة ريفي مرافقه المؤهّل الأوّل في قوى الأمن الداخلي ديب اللهيب في منزله في طرابلس، والمتّهم في نقل أموال الى المسلحين في جرود عرسال.

لقد وجّه ريفي، من خلال هذه الزيارة، ضربة قاضية لصانعي هذه الحبكة الاتهامية، بعدما تبيّن للرأي العام، أنّ اللهيب، طريح في فراشه منذ أيلول الماضي، نتيجة عملية جراحية في كتفه، ويتابع علاج مرض «الديسك»، وبالتالي لم يغادر منزله من حينها، كما جاء في تصريحه.

ونفى ريفي، خلال الزيارة، صحّة ما نشر عن توقيف اللهيب أثناء نقله مبلغاً من المال الى المسلحين في جرود عرسال، داعياً قيادة الجيش والوزير وائل ابو فاعور الى توضيح تفاصيل هذه القضية.

وشدد ريفي على وجوب تطبيق «الخطة الامنية في المناطق اللبنانية كافة ومصادرة مخازن الأسلحة في جبل محسن والضاحية الجنوبية كما يحصل الآن في طرابلس»، سائلاً: «لماذا لا يتم توقيف قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذين يَسرحون ويَمرحون في مكان محدَّد والبعض اعتبرهم قديسين؟». وسرعان ما ظهر ريفي في الأسواق القديمة في طرابلس، متخطياً المخاوف الأمنية، واطلع على حجم الأضرار، مستمعاً الى الشكاوى.

مصادر قريبة من ريفي أكدت لـ«الجمهورية»، أنّ الهدف من هذه الفبركات والاتهامات، «إخفاق «حزب الله»، على رغم محاولاته المستمرة، في جَرّ أبناء الطائفة السنيّة إلى مواجهة الجيش في مختلف المناطق من صيدا الى عرسال وصولاً الى طرابلس والشمال كله».

وتشير المصادر إلى أنّ «إخفاق «حزب الله» في تكريس هذه المعادلة، أي تعميم حال العداء بين الجيش والسنّة في لبنان، جعله ينتقل الى التصويب على ريفي في محاولة لضَرب مصداقيته أمام الرأي العام الطرابلسي واللبناني عموماً»، معتبرة أنّ «التصويب على ريفي هدفه في الأساس الهجوم على الرئيس سعد الحريري، على قاعدة «عم إحكي مع الجارة لتسمَع الكِنّة»، باعتبار أنّ ما يُدلي به ريفي، يأتي متطابقاً ومتناغماً مع الرئيس الحريري، وإن اختلف الاسلوب في الصياغة والتعبير».

وترى المصادر «أنّ ما يزعج «حزب الله» تحديداً، ويضعه دائماً في مواجهة مع اللبنانيين، هو ما يعبّر عنه ريفي صراحة في معظم أحاديثه ولقاءاته الاعلامية، لجهة ضرورة الكشف على كل مخازن الاسلحة المنتشرة في المناطق اللبنانية، واعتماد مبدأ العدالة والمساواة في التوقيفات».

هذا الكلام، تضيف هذه المصادر، «يلاقي بيانات كتلة «المستقبل»، ويتماهى معها الى حدّ بعيد. ولا يخفى على أحد ما قاله وزير الداخلية نهاد المشنوق، المعروف بمحاولاته الدائمة تدوير الزوايا مع «حزب الله»، وفتح قنوات الحوار مع مسؤوليه، منعاً للاشتباك السياسي داخل الحكومة، حين اتهم صراحةً الحزب بإفشال تطبيق الخطة الامنية التي وضعتها الحكومة».

وفي حين هاجم النائب نواف الموسوي، ريفي، معتبراً أنه «على من يتوخى العدل أن يكون للعدل وزيراً لا أن يكون وزراً عليه»، اعتبرت المصادر أنّ هجومه العنيف «خير دليل على مقدار الألم والحرج الذي ينتاب «حزب الله» وكوادره في كلّ مرة يُذكر فيها مبدأ تعميم التوقيفات والكشف عن مخازن الأسلحة في بقية المناطق، أي بكلّ بساطة توفير مبدأ العدالة والمساوة بين جميع اللبنانيين، لدرجة أنّ الموسوي لم يتنبّه خلال ردّه، إلى أنه وصف عناصر «حزب الله» بجنود الوليّ الفقيه، وهذا اعتراف آخر بأنّ عناصر الحزب لا يعتبرون أنفسهم جزءاً من الشعب اللبناني، بل هم جزء من الحرس الثوري الايراني، ويتبعون لمرجعية أخرى لا يهمّها المصلحة اللبنانية بمقدار ما تُؤرقها مصالحها الاقليمية. وبالتالي، أصبح من المفهوم لماذا لم يوافق الحزب على انخراط جنوده ضمن ألوية الجيش وأفواجه».

وترى المصادر أنّ «حزب الله» أمام اختبار حقيقيّ. فبعدما اجتازت طرابلس وفاعلياتها وأبناؤها بوَعيهم وإدراكهم، المرحلة العصيبة، عبر تكريس سلطة الدولة والشرعية، والتمسّك بهيبة المؤسسات الامنية، وفي مقدمها الجيش، أصبحت الكرة الآن في ملعب «حزب الله».

فهل سيواكب الحزب ما فعله الحريري وريفي وقيادات المدينة، وعلى رأسهم مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعّار، ويسلّم المتهمين في قضية اغتيال الرئيس الحريري؟ ومحاولة اغتيال الوزير بطرس حرب (لم يظهر أي إثبات يؤكد وفاة المتهم محمود الحايك) وهل سيفتح مستودعات أسلحته أمام الجيش؟.

وتختم المصادر: «قبل كل ذلك دعونا ننتظر ماذا سيفعل «حزب الله» أمام الاختبار الحقيقي في قضية المخطوفين العسكريين، فهل سيقبل مبدأ المقايضة لإنقاذ أرواح جنودنا الأبطال، أم سيحاول المماطلة وفق طريقته المعهودة، معرّضاً حياتهم لخطرٍ جديّ؟».