صحيح أنّ قائد الجيش العماد جان قهوجي تحدّث منذ أيام قليلة عن محاولات سلمية لحل قضية الخلية الإرهابية التي يترأسها المطلوبان شادي المولوي وأسامة منصور، غير أنّ هذه المحاولات بدأت منذ مدة، وتحديداً بعدما ظهر قادة الخلية عبر "المؤسسة اللبنانية للإرسال" وأعلنا دعمهما ومناصرتهما لـ"جبهة النصرة" وذلك في الثاني عشر من أيلول الفائت.
وبحسب المصادر المطلعة، لم يلجأ الجيش منذ البداية إلى الحلّ العسكري مع هذه الخلية نظراً لأسباب عدة. السبب الأول يعود إلى المنطقة الجغرافية التي تتمركز فيها، وتحديداً الى ذلك الشارع الضيّق في باب التبانة، حيث ليس من السهل على الجيش أن يتحرك بسهولة، لا سيما بالنسبة إلى آلياته الضخمة. السبب الثاني فرضته الكثافة السكانية التي تسجل في المنطقة المحيطة بمقر الخلية، إذ لا يريد الجيش أن يوقع ضحايا بين المدنيين الأبرياء وهو ينفذ عملية تهدف الى إلقاء القبض على إثنين أو ثلاثة مطلوبين. أما السبب الثالث، فتشرحه المصادر المطلعة على الشكل التالي، صحيح أن عدد أفراد هذه المجموعة لا يتخطى العشرات، وهي لا تزال في بداية إنطلاقتها، لكنها تحظى بدعم شعبي من بعض أبناء المنطقة، الأمر الذي يجعل من القضاء عليها عسكرياً أصعب مما يتوقعه البعض. هذا فضلاً عن السبب الرابع، الذي يقول إنّ طرابلس تعيش منذ أحداث عرسال في الثاني من آب الفائت على  فوهة بركان، وبالتالي أي خضة أمنية قد تستهدف شارعاً منها، يمكن أن تشعل النار على جميع محاورها من دون إستثناء، الأمر الذي لا يريده مسؤول واحد، لا في قيادة الجيش ولا في المؤسسات الأخرى، خصوصاً أن المواجهة المرتقبة مع الإرهاب الآن هي في جرود عرسال وبالتالي لا يجب توزيع القوى على أكثر من جبهة.
قبل أيام قليلة من عيد الأضحى، وبعدما وصلت إلى باب التبانة أكثر من رسالة أمنية، عقد مشايخ وفعاليات المنطقة إجتماعاً طارئاً للبحث في قضية خلية المولوي - منصور، وقد إتفق المجتمعون بحسب مصادر طرابلسية متابعة على المقررات التالية:
- تبليغ المولوي ومنصور بعدم الظهور إعلامياً في هذه المرحلة الدقيقة لأن أي إطلالة لهما قد تعتبر إستفزازاً وتحدياً للمؤسسة العسكرية أولاً وباقي الأجهزة الأمنية ثانياً. 
- الطلب من المولوي ومنصور عدم الخروج من المنطقة التي يتمركزان فيها.
- أي إعتداء قد تنفذه هذه الخلية ضد دورية للجيش، لا يمكن أن يغطى من مشايخ وفعاليات المنطقة.
إجتماع المشايخ هذا جاء من ضمن المحاولات السلمية التي قام بها البعض لحل قضية الخلية من دون إراقة الدماء في عاصمة الشمال، غير أن تجاوب المولوي ومنصور لم يكن بالقدر المطلوب وليس مع كل التمنيات التي صدرت عن إجتماع المشايخ، الأمر الذي دفع ببعض المبادرين الى الإنسحاب، فيما بقي البعض الآخر يحاول بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية. وبحسب مصادر باب التبانة، فقادة الخلية لن يتجاوبوا مع أي مبادرة للحل، وهم مقتنعون بما يقومون به. 
إذاً، المطلوب إرهابياً شادي المولوي يضع طرابلس مرة ثانية أمام إمتحان أمني من العيار الثقيل، بعدما جعل منه البعض بطلاً في المرة الأولى، فهل تسلم الجرة معه اليوم أم أن الحل العسكري مع خليته سيكون مفتاح الحسم؟  

مارون ناصيف  :  النشرة