بعد ما تحدث الوزيران الخارجيتان الإيراني والبريطاني يوم الإثنين عن إعادة فتح سفارتيهما في لندن وطهران، يوم الأمس، الأربعاء، زار رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الرئيس الإيراني في الأولى من نوعها بعد 36 عاما أي بعد الثورة الإيرانية عام 1979، واكل الفترة شاهدت الكثير من المد والجزر في العلاقات بين الطرفين، وبلغ هذا التوتر إلى قطع العلاقات الدبلوماسية الكاملة وحتي القنصلية.

ويشمل المواضيع المتعلقة بهذه التوترات، الدعم البريطاني للعراق في حرب شنها ضد إيران، وقضية سلمان رشدي وآياته الشيطانية، وصولا إلى اقتحام مبنى السفارة البريطانية لدى طهران، عام 2011 الذي اثار سخط البريطانيين، وأدى إلى قرارهم بقطع العلاقات السياسية.

ومع مجيئ الرئيس روحاني، بدأ فصل جديد في العلاقات بين الطرفين، وأعرب البريطانيون عن رغبتهم في إعادة العلاقات وعملوا من أجل تحقيقها بشكل تدريجي.

البريطانيون يعرفون مدى أهمية الدور الإيراني في معالجة القضايا الإقليمية في الشرق الأوسط، وآسيا الوسطى، حيث إن إيران تحتل موقعا جيواستراتيجيا من المستحيل تجاهله، والدول التي  تتكبر عليها وتحاول إلغاء دورها، تعود وترى نفسها مضطرا بالإعتراف بدورها.

هذا إضافة على أن بريطانيا لا تتملك الآن نفس القوة التي كانت تملكها قبل عقود وليس بمقدورها أداء دور في المنطقة لوحدها.

مايزيد على أهمية اللقاء بين الرئيسين، هو ما يشهده المنطقة من صعود جماعة داعش، التي تهدد الأمن العالمي ولن يأمن منها أوروبا. جماعة داعش تجتذب عناصر من داخل أوروبا، ولديها مصادر مالية منها، ولها مخطط في إرباك الأمن في الدول الأوروبية.

البحث عن سبيل العلاج لموضوع تمدد داعش، كما المووضع النووي الإيراني أدى إلى تهميش موضوع إعادة العلاقات، بعض الشيئ.

في غضون هذا لم يخف الكيان الصهيوني تخوفه من حصول أي انفراج جديد في الملف النووي، وحذر الغرب من اي صفقة مع إيران، عبر البربط بين الموضوع النووي والموضوع الداعشي. أعلن رئيس الوزراء الصهيوني، بأن إزالة العقوبات النووية مقابل الدعم الإيراني في مكافحة داعش، صفقة عبثية.

هذا بالرغم من أن إيران أعربت عن رفضها المشاركة في مكافحة داعش، حيث أنها ترى أن من بين التحالف ضد داعش من هو يدعم داعش ويتنسق معه.

يبدو أن الغرب وصل إلى طريق مسدود في الشرق الأوسط، وتحقيق أي انفراج في هذا الوضع، لا يمكن إلا عبر مشاركة الإيرانيين في مشاريع المكافحات والتسويات. والمشاركة الإيرانية في أي مشروع، رهن على حل القضية النووية عبر اتفاقية تؤمّن مصالح الشعب الإيراني الذي أظهر بأنه لن يتنازل عن مصالحه، ومستعد لدفع أي ثمن، كما هو الحال في الأعوام الماضية وتحت أقسى العقوبات.