ما يجري في المنطقة من حروب مباشرة أو حروب بالوكالة يظهر حقيقة حالة التأزم التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط، وهي باتت على فوّهة بركان من العراق الى مصر، فاليمن، وليبيا، وسوريا، وفلسطين، ولبنان. إنها مناطق تعيش على فوالق متعددة ما إن يهتز واحد حتى يتأثر الآخر به...

فالحرب على "الإرهاب" بدأت، وبتنا لا نكاد نفهم كيف تدعم أميركا وحلفاؤها المجموعات المسلحة بالسلاح والمال والتدريب، ثمّ تدرك فجأة خطر المجموعات الإرهابية على مصالحها، فإذا بالبوارج والطائرات الأميركية تضرب وحشاً هي من ربّاه و"دللـه"... ولا يعلم إلّا الله إلى أين ستتجه الأمور في سوريا وما سيحلّ بلبنان "الشقيق" الذي ما زال يترنّح تحت عبء الأزمة السورية وبات وطناً مشلول الإرادة والإدارة لا قدرة له على التأثير في مفاصل الحرب الدائرة هناك حتى باتت بعض المجموعات المسلحة في جرود عرسال تقضّ مضاجع الدولة وتبتزها كل يومٍ، فكيف الحال إذا اندفعت المجموعات الإرهابية تجاه لبنان هرباً من الهجمات الجوّية الأميركية؟

أما في العراق فالحال كما هو، داعش تهاجم، ثم يستعيد الجيش العراقي والبشمركة بعض المناطق التي خسروها ويستمر حال النزف هذا في جسد هذه "الأمة الضالّة" فيما يبقى الأميركي جالساً على كرسي الزعامة يلّوح بالجزرة تارةً وطوراً بعصاه الغليظة وفقاً لمصالحه وأهدافه التي رسمها منذُ بدء الثورات العربية...

ولا ننسى الصراع في العراق أيضاً بين النفوذ السعودي والنفوذ الإيراني وأن هذا الأخير بدأ يستعيد ما فقد ويحاول أن يطوّق السعودية سياسياً وجيوسياسياً، فهو ما زال يملك أوراقاً قوية في العراق لا يستهان بها، وباتت داعش ذاتها تشكل خطراً على السعودية حيث تنشر آلاف المسلحين على حدودها مع العراق.... وفي اليمن استطاع الإيرانيون أيضاً أن يمسكوا بزمام المبادرة هناك، فالحوثيون حلفاء إيران سيطروا على مفاصل الحكم هناك وأسقطوا ما يسمونه هم السلطة الفاسدة وتعففوا عن السلطة، وفي سوريا لا تبدو السعودية مرتاحة لما يجري، فما زال النظام وحلفاؤه أقوياء إذ لا مؤشر أنّ الضربات الأميركية قد تطال مواقع للنظام.

أما في لبنان فاللعبة السياسية والأمنية ما زالت حتى الآن ممسوكة رغم بعض القلاقل التي نشهدها بين الحين والآخر، وما زال طرفا اللعبة الأساسيين في لبنان تيار المستقبل وحزب الله رغم تباعدهما لا يريدان للساحة اللبنانية أن تغرق في وحل الفتنة والحروب الطائفية المتنقلة إلّا إذا أرادت اللعبة الدولية لا سمح الله أن تدخل لبنان في المجهول، وهكذا تبدو الساحات الإقليمية مكتوية بنار الحروب والفتن وهي تؤشر الى تصاعد في الأسابيع والأشهر المقبلة، ويبقى أن يعي لبنان لما يجري فلا يقدم أي طرف فيه بأي دعسة ناقصة تدخله في غياهب المجهول...

ويبقى أيضاً أن نتوسل الله أن يحمي بلدنا من الرؤوس الحامية التي لا ترى في خضم هذه الأزمة الكبيرة إلا مصالحها الضيّقة...

حمى الله لبنان من الحروب ومن الفتنويين الذين يتربصون بإخوانهم شراً.