لا اتذكر اليوم في اي سنة وفي اية مناسبة تعرفت على العلامة السيد هاني فحص ، لكنني ما اتذكره انه منذ بدايات وعيي السياسي والديني والثقافي وانا التقي بالسيد هاني في المجالس الثقافية والفكرية والادبية واقرأ مقالاته وكتبه ،واراه في ساحات النضال الجهادية والسياسية والاجتماعية والحوارية، وان كنت اتذكر ان من اوائل المنشورات التي  قرأت فيها مقالات ونصوص للسيد هاني: مجلة الوحدة التي كان يصدرها الدكتور عبد الحسن الامين، ونشرة الارض التي كانت تصدر عن لجان العمل الاسلامي وكانت توزع سرا في بعض الاحيان في الضاحية الجنوبية ،  واتذكر انه كتب مقدمة لكتب عن الجهاد للامام الخميني وفيه مواقفه الداعمة للمقاومة الفلسطينية ومن ثم  قرأت مقالاته ونصوصه في مجلة العالم الصادرة في لندن اضافة للصحف اللبنانية وبعض المجلات الايرانية والفلسطينية، واتذكر ان صورة السيد هاني كانت تترافق مع صور الامام الخميني والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات وصور المقاومين الفلسطينيين واللبنانيين  والقيادات الايرانية وكذلك صور العديد من الشعراء والادباء والمثقفين  والصحافيين  اللبنانيين والعرب ، كما كنت دائما اتذكره عندما التقي بالعلامة السيد محمد حسن الامين.

لقد اصبح السيد هاني جزءا من وعيي الثقافي والفكري والحواري خلال الثلاثين سنة الماضية وتعلمت منه الكثير وخصوصا الانفتاح على الاخرين واقتحام المواقع الثقافية والفكرية والدينية المتنوعة وخصوصا على صعيد الحوار الاسلامي- المسيحي، ومع انه في بعض الاحيان كان لدي بعض الملاحظات والانتقادات لارائه السياسية ، لكنني كنت اشعر ان وجوده ووجود امثاله في الساحة الاسلامية والعربية واللبنانية وبالاخص على الصعيد الشيعي هو ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها لانه كان جريئا بالتعبير عن مواقفه النقدية ومحبا لمن يختلف معهم وحريصا على ايصال مواقفه وارائه للاخرين دون ان يؤذيهم او يقسو عليهم.

وفي هذه اللحظات التي يرقد فيها السيد هاني فحص في المستشفى للمعالجة من عارض صحي طاريء وحيث يحيط به افراد عائلته والاصدقاء والمحبون ، يجد الانسان نفسه عاجزا عما يمكن ان يقدمه وفاء للسيد هاني وعائلته سوى الدعاء بالشفاء العاجل والتأكيد على محبته واحترامه وتقديره خصوصا في هذه المرحلة الصعبة التي نمر بها في عالمنا العربي والاسلامي، فنحن بحاجة للسيد هاني وامثاله من اصحاب الرأي السديد والعقل الحواري والمنفتح والقادر على الوصول الى قلوب وعقول الاخرين بمجبة واحترام.

فالى السيد هاني وعائلته كل التقدير والوفاء وادعو الله ان يعجل بشفائه ليعود الى ساحات النضال الفكرية والسياسية والثقافية والحوارية فنحن بحاجة لامثاله ووجوده ضرورة لان التنوع والتعددية احدى سمات الوجود البشري عامة وخاصة على الصعيد الاسلامي والتنوع والتعددية ضرورة لا يمكن الاستغناء عنهما.

قاسم قصير