هل تعتقد أنّ انسحاب العماد ميشال عون من المعركة الرئاسية قد يكسر حلقة الفراغ؟ وفي حال وافق على التسوية، هل ينسحب ذلك على “حزب الله”؟

- العماد عون لن ينزل إلى المجلس النيابي إذا لم يضمَن انتخابه رئيساً، وبالتالي فإنّ موقفه هذا هو المسبّب المباشر في تعطيل الانتخابات الرئاسية، و”حزب الله” يدعمه في موقفه، بصرف النظر عمّا إذا كان هذا الموقف يخدم توجّهه السياسي أم لا.

 

أمّا إذا وافق عون على حضور الجلسة، فـ”حزب الله” سيحضر بدوره، لأنّه لن يعود هناك مبرّر لرفضه أمام الرأي العام. وحتى لو قرّر الحزب عدم الحضور، وهو ما أستبعدُه، فإنّ عون قادر مع الحاضرين، على تأمين النصاب، فتحصل الانتخابات الرئاسية.

 

• هل تسوية هذا الملف إقليمية؟

- بصَرف النظر عن الجانب الاقليمي والدولي، هناك جانب لبناني لا يجوز التغاضي عنه. ولا شكّ في أنه لو بدّلَ عون موقفه، فلن نحتاج الى الجانب الإقليمي والدولي، ولكنّ موقفه يضع الإرادة اللبنانية في معرض المصالح الدولية وتناقضها بعضها مع بعض، وبالتالي هو ينتزع القرار من يد اللبنانيين ويضعه في يد القوى السياسية الدولية.

 

• لماذا لا تقدّم “14 آذار” مبادرات جدّية لحَشر الخصم؟

- هذا الأمر لا يكفي. فالدكتور سمير جعجع أكّد عدم تمسّكه بترشّحه إذا توافرت حلول بديلة. وهذا الموقف خطوة كبيرة، بعكس موقف عون الذي لا يقدّم إلّا طرحاً واحداً: “إنتخبوني وإلّا فلا رئيس”. قوى “14 آذار” منفتحة على الطروحات المعقولة والمقبولة، ولكن هل المطلوب هو انتخاب أيّ رئيس بصرف النظر عن كفاءاته وخبرته وأخلاقيته ووطنيته وتاريخه، أم انتخاب رئيس يحمل أمَلاً للبنانيين بتفعيل مشروع إعادة بناء الدولة.

 

نحن لا ننتخب رئيساً لجمهورية غائبة أو منهارة حتى يدير أزمة، بل طموحنا يكمن في انتخاب رئيس قادر على معالجة الانهيار، ويردّنا إلى دولة سليمة.

 

• هل حظوظك أو حظوظ أيّ مرشّح آخر مستحيلة في ظلّ ميزان القوى الحالي؟

- قد تكون الحظوظ مستحيلة، ولكنّني أعتقد أنّها خطيئة كبيرة نرتكبها، فهناك نظام ديموقراطي يرعى اختيار رئيس الجمهورية، ومَن تنتخبه القوى السياسية خلال تنافسِها هو مَن يتولى الرئاسة، علماً أنّ أيّاً من “14 أو 8 آذار” يمكنه وحده إيصال رئيس، بل يحتاج الى مساعدة قوى أخرى لترجيح كفّة أحد المرشحين.

 

وهو أمرٌ عظيم لأنّه يشكّل ضمانة وطنية بأنّ الخيارات لا يمكن أن تقع على أشخاص يشكّل وجودهم في السلطة تحدّياً بمقدار ما يمكن أن تقع على أشخاص يتصرّفون كرؤساء لكلّ لبنان.

 

• كيف تقرأ اقتراح القانون المقدّم من تكتّل “التغيير والإصلاح” القائل بانتخاب رئيس من الشعب؟

ـ هذا الأمر لن يوصل إلى انتخاب عون رئيساً حتى لو حصل، لأنّ الناس “طالع دينها” من الطائفية. واعتماد الانتخاب الشعبي يتطلب موافقة القوى السياسية ويحتاج إلى الثلثين، وأنا أكيد أنّ هذا الاقتراح لن يحصل على تأييد المجلس. فهو يُبحَث في ظروف عادية وليس على أساس مبرّر ليصل الى موقع الرئاسة.

 

التمديد النيابي

• هل تسمح ظروف البلد بإجراء انتخابات؟

- دستورياً، عندما نذهب لإجراء انتخابات فهذا يعني أنّ ولاية المجلس قد انتهت، وبالتالي ستبدأ ولاية جديدة. كلّ القوى السياسية تجمع على ضرورة إجراء الانتخابات، إلّا أنّ غياب رئيس الجمهورية يطرح علامة استفهام كبيرة.

 

فحتى لو انتخبنا مجلساً نيابياً جديداً، فإنّه لن يكون قادراً على انتخاب رئيس للأسباب نفسها اليوم، وبالتالي سيكون لدينا مجلس جديد بلا رئيس، وحكماً تعتبر الحكومة مستقيلة. فمَن يُجري الاستشارات النيابية؟

 

وبالتالي سنكون عاجزين عن تأليف حكومة، وبذلك نكون أخذنا البلد نحو الانهيار الكامل. الأمر الذي يستدعي إجراء الانتخابات الرئاسية ولو بظروف أمنية غير سليمة.

 

عملياً، وانطلاقاً من التقارير الأمنية التي تدعو إلى تأجيل العملية الانتخابية، لا شكّ في أنّ الحفاظ على النظام السياسي وعلى وحدة اللبنانيين، يستدعي انتخاب رئيس يتحمّل مسؤولية توجيه القرار السياسي، يليه إجراء انتخابات نيابية على رغم الظروف الأمنية. فالوضع لا يتحمّل هذه المغامرة، ومن هنا نُحمّل من يعطّل انتخابات رئاسة الجمهورية، مسؤولية التمديد للمجلس. وإذا انتخبنا رئيساً للجمهورية، فسأصوّت ضدّ التمديد.

 

• هل يمكن الكلام عن انتخابات نيابية قبل شهرين من موعدها؟

- إذا انتخبنا رئيساً، نستطيع أن نستلحق الانتخابات النيابية، إذ سبق أن أطلقنا دعوة الهيئات الناخبة، والمُهل لن تعوق إجراء الانتخابات. أمّا بالنسبة للحملات الانتخابية، فهي مستمرّة طالما الصراع السياسي قائم، وعلى المواطنين الاختيار بين خطّين سياسيّين، إذ إنّ عنوان المعركة سيكون تحديد هوية المسار الوطني، وليس هوية الأشخاص.

 

• هل الظروف الأمنية تساعد “14 آذار” على إجراء جولات انتخابية؟

- طبعاً لا. ولا شكّ في أنّ ذلك سيؤثر علينا، إذ لا تكافؤ في الفرَص، فخصومُنا يسرحون ويمرحون ويقومون بجولاتهم الانتخابية، ولكنّ الرأي العام واعٍ، لذلك تقف الأكثرية إلى جانبنا ضدّ هؤلاء.

 

• في أيّ إطار تضع حماسة الرئيس برّي للانتخابات النيابية؟

- الرئيس برّي غير متحمّس لإجراء الانتخابات بمقدار ما هو غير متحمّس لتمديد ولاية مجلس لا يعمل. وأعتقد أنّه يريد الضغط لتفعيل عمل المجلس وممارسته نشاطات تشريعية معيّنة في قضايا مُلِحّة، ونحن متفاهمون في “14 آذار” معه في هذه النقطة، في ظلّ غياب رئيس الجمهورية.

 

• لماذا لا تخرج “14 آذار” بموقفٍ موحّد من الانتخابات النيابية؟

- الموضوع قيد البحث، ونعمل على ذلك جدّياً، ونأمل الوصول الى موقف موحّد. فهناك قوى سياسية متعدّدة داخل “14 آذار”، والحمدلله لا أحد يعطينا أوامر حتى نسير برأيه، فنحن تجمُّع ديموقراطي، وبالتالي هناك آراء متنوعة.

 

• هل يمكن إقرار قانون انتخابيّ في الوقت الفاصل عن الانتخابات؟

- في الظروف الحاليّة، هناك شبه استحالة. وطرحُ المواضيع في غير وقتها هدفه حرقُ الوقت وإلهاء الناس.

 

الحكومة

• كيف تصف التعاونَ داخل الحكومة بين “8 و14 آذار”؟

- هناك رغبة لدى كلّ القوى بعدم تعطيل السلطة التنفيذية وتفجير الحكومة. وفي حين نتفاهم على بعض القضايا، نتجنّب طرح قضايا أخرى في ظلّ عدم التوافق عليها. قد يساهم هذا الأمر باستمرار صورة الدولة، لكنّه لا يعني أنّ مجلس الوزراء يستطيع البَتّ بمشاكل الناس. صحيح أنّه أنجَز قضايا عجزَت عنها الحكومة السابقة، غير أنّ ذلك كان حصيلة صفقات سياسية على حساب نوعية الناس والمبادئ والأصول، وأبرز مثال هو ملف التعيينات والتفرّغ.

 

• هل نجحَت “14 آذار” في الحفاظ على ربط النزاع مع “حزب الله” على رغم مشاركتها في الحكومة؟

- طبعاً، مصلحة البلد فرضَت علينا دخول السلطة لتسهيل شؤون الناس في ظلّ مخاطر غياب رئيس الجمهورية، وليس ليكون لدينا موقف موحّد. فمشاكلنا الخلافية لا تزال عالقة، إذ نرفض مشاركة “حزب الله” في الحرب السوريّة، ومتمسّكون بتسليم سلاحه.

 

• في أيّ إطار تضع زيارة النائب علي فيّاض إليك؟

- زارني بصفتي وزير اتصالات، وبصفته نائباً لـ”حزب الله”، وقد تطرّقنا الى الوضع السياسي العام على هامش الزيارة، ولكن لا شك في أنّ هذا اللقاء هو الاتّصال الرسمي الأوّل المعلن معي.

 

• ما هو تعليقك على توصيف البعض التجربةَ الحكومية الحديثة بأنّها مقدّمة للنظام الفيديرالي، انطلاقاً من تجربة الوزير الملك الذي باتت صلاحياته أكبر من صلاحيات رئيس الجمهورية؟

- هذه النظرية خاطئة. صلاحيات الوزير ليست أكبر من صلاحيات الرئيس. من جهة أخرى، هناك وزراء يعتبرون أنّهم يملكون وزارات معينة ويتصرّفون فيها وكأنّهم القانون والآمر الناهي، ولكنّ هذه الممارسات ثبُتَ فشلها. والدليل هو ما أعيشه في وزارتي، وما ورثتُه من إرث ثقيل أحاول معالجته في إطار القوانين المَرعيّة الإجراء، إلّا أنّ هذه الظاهرة استثنائية وإذا استمرّت قد تضرب البلد، ولكنّها موَقّتة في انتظار العودة الى المسار الطبيعي.

 

على المستوى الأمني

• في أيّ إطار تضع حملة بعض قوى “8 آذار” على الجيش؟

- الانتخابات الرئاسية هي أحد العناصر الأساسية لهذه الحملة، ومن المعيب في ظرفٍ بهذه الدقّة وفي مواجهة خطر بهذا الحجم والأبعاد، أن نصفّي حسابات سياسية على حساب الجيش. يتوجّب علينا الوقوف جميعاً وراء الجيش، وإذا كان هناك من خطأ قد ارتُكِب، فيجب ألّا يكون موضع حساب الآن حتى لا يؤثّر على معنويات الجيش، غير أنّ خَلفية الحملة سياسية وانتخابية.

 

• هل تعتقد أنّ هناك مَن يريد انتقالَ الحرب السورية إلى لبنان؟

- طبعاً، ومِن بينهم لبنانيون وللأسف، ولكن على اللبنانيين رفض هذا المخطط ومنع انتقاله.

 

• هل أظهرَت معركة عرسال أنّ لبنان خطّ أحمر وأنّ هناك رفضاً دوليّاً إقليمياً لسَورَنة لبنان أو عرقنَتِه؟

- هناك قرار دولي ضمني بعدم سقوط لبنان أو تفجير الوضع فيه، وهذا القرار يُترجَم بالمواقف الداعمة للبنان ولحكومته. وفي هذا الإطار، تأتي المساعدة السعودية الكريمة والمشكورة التي تُترجَم بتوجّه دولي وإقليمي وعربي لتحييد لبنان عن النزاع الدائر.

 

ما شهدَته عرسال هو نتيجة حتمية وطبيعية لانتصار النظام و”حزب الله” على “داعش” و”النصرة” في القلمون، وهؤلاء انكفأوا وهربوا نحو الجبال الشرقية للبنان، فتحوّل وجودهم مشكلة انعكسَت في عرسال. بالإضافة الى أنّه ثَبُت أنّ ما عجزت عنه الحكومة السابقة لجهة التعاطي مع أزمة النازحين السوريين وضبط هذا النزوح ومنع انعكاسه على الأمن اللبناني، أدّى الى انتشار السوريين بلا أيّ ضابط ورقابة، ما حوّلَ وجودهم عنصرَ تفجير.

 

“داعش”

• في أيّ إطار تضع الانفلاش السريع لـ”داعش”؟

- “داعش” هي ترجمة للمواجهة السُنّية – الشيعية القائمة في المنطقة، وقد شكّل دور “حزب الله” أحدَ فتائل تسعير هذا النزاع، وهو ما يدفع بشريحة كبيرة من اللبنانيين، للمطالبة بخروجه من سوريا.

 

• هل يُعيد الكلام عن تحالف دولي – إقليمي في مواجهة الإرهاب، تعويمَ النظام السوري؟

- إنّها مجرّد نظريات. من الطبيعي أن تتحالف الأنظمة ضدّ مشروع “داعش” و”النصرة”، لأنّ ذلك يخالف الطبيعة والاستقرار ووجود الدول وسيادتها. إلّا أنّ “داعش” ظاهرة عرَضية، وعند تحقيق أهدافها، لن يكون من مبرّر لوجودها.

 

• هل من دور فعلي للنظام السوري في سوريا الجديدة؟

- لا أريد استباقَ الأمور، ولكنّني أعتقد أنّه لايمكن استمرار هذا النظام على حساب الشعب. يجب أن تحصل تسوية لإيقاف الحرب، وأن ينال الشعب حقوقه ويُخلق نظام سوري قابل للحياة.

 

• كيف تقرأ زيارة مساعد وزير الخارجية الإيراني لوزير الخارجية السعودي، وتخَلّي إيران عن المالكي؟

- الزيارة تدخل في إطار التطوّر الحاصل، والخوف المشترك من “داعش” و”النصرة” هو خطر يجب أن تجتمع الأضداد لمواجهته، وقد يشكّل ذلك بدايةً لحوار سعودي – إيراني. أمّا تخلّي إيران عن رجُلها في العراق واستبداله بشخص آخر فيشبه عملاً مشتركاً دوليّاً ووطنياً عراقياً لمواجهة “داعش”.