بعد مرور اكثر من 3 سنوات من القتال في سوريا ومقتل اكثر من 170 الف شخص، بدا الرئيس السوري بشار الأسد يشعر بالتغيير الحاصل ليس فقط على الساحة السورية بل في الاجواء الدولية. ففي هذا الاسبوع وصف الرئيس الاميركي باراك أوباما الانتهاء من تدمير مخزون السلاح الكيميائي في سوريا بـ"الانجاز المهم"، واضاف: "نحن نضغط على نظام الأسد كي يضع حداً للفظائع التي يواصل ارتكابها ضد السوريين". وكان لافتاً غياب المطالبة باسقاط نظام الأسد. أما وعود وزير الخارجية الأميركي جون كيري بتقديم المساعدة السياسية والمالية للمعارضة السورية المعتدلة، وتزويد الجيش السوري الحرب العتاد العسكري الحديث، فقد ظلت في غالبيتها حبراً على ورق، وفي الاساس لا وجود اليوم لما يسمى بالمعارضة المعتدلة.
ثمة انعطافة استراتيجية واضحة اليوم على المستوى الدولي، فقد اصبحت الولايات المتحدة والدول الأوروبية اكثر قلقاً من توسع نفوذ الدولة الإسلامية من استمرار نظام الأسد، لا بل ثمة ما هو اهم من ذلك، فالأسد يبدو اليوم ضرورياً في الحرب على الدولة الإسلامية. ويبدو ان هذا التغيير في التوجه كان موضوع محادثات جرت في الاسابيع الاخيرة بين السعودية وروسيا ومصر والولايات المتحدة وإسرائيل.
في بداية شهر حزيران الفائت قام وزير الخارجية سعود الفيصل بزيارة الى روسيا، وبعد ثلاثة اسابيع وصل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الى السعودية. لم يرشح الكثير عن هذه اللقاءات، لكن المعلومات القليلة التي رشحت تشير الى ان السعودية وافقت للمرة الاولى على الاصلاح في سوريا وتخلت عن المطالبة برحيل الأسد.
وليست السعودية وحدها تتبنى هذا السيناريو، فالرئيس المصري عبد الفتاح السياسي تناول ايضاً الموضوع السوري حين التقى الاسبوع الماضي الرئيس فلاديمير بوتين في سوتشي التي وصلها بعد يومين من زيارته للسعودية ولقائه العاهل السعودي الملك عبد الله. وقد بحث الرئيسان الازمة السورية وتقدم الدولة الإسلامية وحرب غزة. والسيسي هو من قادة الدول العربية القلائل الذين لم ينتقدوا الأسد ولم يطالبوا باسقاطه. وعلى الرغم من عدم وجود سياسة واضحة للسيسي في سوريا، فاذا غيرت السعودية توجهها فمن المتوقع ان ينضم السيسي الى المؤيدين لبقاء الأسد.
في ظل هذا كله يمكن فهم تصريحات نتنياهو أول امس التي تحدث فيها عن "أفق سياسي جديد"، فهو على الارجح لم يقصد مساراً سياسياً مع الفلسطينيين، بل حلفاَ غير رسمي مع دول عربية قلقة من الدولة الإسلامية ترى في الأسد شريكاً محتملاً في المعركة ضدها.