جملة من الملفات الشائكة والمعقدة التي وضعت في ثلاجة المعالجات اللبنانية يمكن ان تخرج الى النور وتجد طريقها الى الحلول ,وان بخطى بطيئة وغير متسرعة مع عودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان بعد غياب قسري دام لأكثر من ثلاث سنوات

  ولا نقول ان الرئيس الحريري يحمل عصا سحرية او انه يحمل في جعبته حلولا جاهزة لهذه المشاكل ولكن مجرد عودته الى ممارسة دوره الطبيعي كزعيم سني معتدل وبارز على الساحة السياسية فانه يعيد التوازن المفقود الى المعادلة الطائفية في البلد ويكسر الجمود الذي يلف العديد من الملفات العالقة واهمها الملف الامني والعسكري اضافة الى الملف الرئاسي والملفات الاقتصادية والتربوية ,سيما وان عودته مرتبطة بمناخ اقليمي ودولي ساهم في توفير الظروف الآمنةالملائمة لها ,في ظل وضع متفجر تعيشها المنطقة عموما والبلد خصوصا على خلفية امتداد التطرف الاسلامي السني على حساب الاعتدال وهذا ما عجل بتفجير الوضع في بلدة عرسال الذي كاد ان يخرج عن السيطرة مهددا بحمام دم قد يغرق البلد بنيران حرب مذهبية يصعب اطفائها ...

ومما يعطي عودة الحريري هذه الاهمية هو الدعم السعودي للبنان وللاعتدال السني فيه ورفع الغطاء عن كل الحركات الاسلامية المتطرفة حيث حرص العاهل السعودي على توجيه رسالة الدعم بشكل واضح وسريع من خلال اعلانه عن دعم مالي جديد بقيمة مليار دولار للجيش لتزويده بما يلزم من معدات تتيح له امكانية مواجهة التطرف ومحاربة الارهاب ,وتكليف الرئيس الحريري متابعة آليات صرف هذا المبلغ .وكان لافتا حضور السفير الاميركي الى بيت الوسط للقاء الحريري اعقبه حضور السفير السعودي للتهنئة بالعودة ,مما يؤشر الى تفاهم سعودي اميركي وبالتنسيق مع الاوروبيين حيال عودة الحريري ,مما يؤكد على ان هناك ضمانات دولية واقليمية لهذه العودة ولم تكن ايران وحزب الله خارجها ,وبدا الموقف الاخير للحزب الذي نفى فيه تورطه في احداث عرسال متزامنا" مع موقف مماثل للحريري نازعا للالغام من امام عودته   لاشك ان عودة الحريري جاءت تنفيسا للاحتقان المذهبي ولاحتواء الشارع السني المضطرب وتأكيدا لزعامته كرمز للاعتدال بوجه التطرف الذي بدا للحظة وكأنه يشكل خطرا" حقيقيا على التوازن الطائفي وصيغة العيش المشترك . ولا نريد ان نغرق في بحر من التفاؤل ولكن المعطيات تشير الى ان خريطة الطريق التي رسمها الرئيس سعد الحريرري واعلنها في خطابه الاخير قد وُضعت على السكة ,والاهم في هذه الخريطة هو البدء بسحب فتيل التفجير المذهبي الداخلي وابعاد شبح التطرف عن الواقع اللبناني والعودة الى الدولة ومؤسساتها .واذا كانت مهمة الحريري انقاذية للبلد من براثن الحروب العبثية فهذا يعني ان اقامته في البلد ستطول وقد تكون نهائية

                              طانيوس علي وهبي