مع ان الحرب  الوحشية على  قطاع غزة لم تنته بشكل كامل في ظل استمرار المفاوضات في القاهرة مع امكانية انهاء الهدنة الانسانية او العودة الى القتال مجددا ،او تمديد الهدنة والتوصل الى اتفاق كامل مما يساعد في اعداد تقييم شامل لنتائج العدوان ودلالاته ، فاننا نحاول في هذه الحلقة الثانية والاخيرة من الاشارة الى  عدد اخر من الابعاد المستقبلية والاستراتيجية التي افضى  اليها  العدوان الصهيوني الوحشي على قطاع غزة ، ومن هذه الابعاد اضافة لما تم الاشارة اليه في الحلقة السابقة:

اولا: ان اية مواجهة مستقبلية مع العدو الصهيوني لم يعد بالامكان فيها الاعتماد على الجيوش النظامية والتقليدية لان هذه الجيوش مكشوفة امام العدو حيث يمكن قصف مراكزها وثكناتها وجنودها، ولذا لا بد من الاستفادة من قوى المقاومة والتي تحظى بدعم شعبي ، اي العودة الى معادلة: الشعب والجيش والمقاومة تحت سقف الدولة، اذن نحن امام تغير استراتيجي على صعيد الحروب وخصوصا مع العدو الصهيوني، وطبعا يجب ان تكون قوى المقاومة تحت سقف الدولة لكنها تعتمد تكتيتكات خاصة بها مثل المحميات والانفاق والصواريخ والمجموعات المقاتلة السريعة، وفي لبنان يمكن الاستفادة مما جرى في الحرب على غزة عند مناقشة الاستراتيجية الدفاعية.

ثانيا: ان الحروب المقبلة مع العدو الصهيوني اذا حصلت ينبغي ان تجري على ارض هذا العدو وداخل الكيان الصهيوني ، لان الجيش الاسرائيلي لم يعد مطلق اليدين بشن الحرب البرية على الاراضي العربية في حال كانت هناك قوى مقاومة مجهزة للحروب الجديدة، بل ان نظرية الهجوم على الجليل او خلف خطوط العدو لن تعد صعبة او مستحيلة وخصوصا عبر استخدام الانفاق وسيكون حزب الله والمقاومة الاسلامية في لبنان معنيان بالاستفادة من دروس الحرب على غزة في اي حرب مقبلة.

ثالثا: على قوى المقاومة والدول الداعمة لها ان تعيد النظر على صعيد العلاقة فيما بينها وان تستفيد من اخطاء المرحلة الماضية والبحث عن ادارة جديدة للازمات القائمة بحيث يمكن اعتماد النظرية التي تجمع بين خياري الديمقراطية والمقاومة بدل اعتماد نظرية الظلم والمقاومة او الديكتاتورية والمقاومة او ان صوت المعركة فوق كل صوت.

رابعا: ان التعاون بين السلطة والمقاومة او وحدة الموقف الداخلي في اي بلد يواجه عدوا مثل العدو الصهيوني هي مسألة اساسية في المواجهة وهي تساعد على دعم قوى المقاومة ان خلال الحرب او خلال المفاوضات ويجب الابتعاد عن سياسة التخوين والاتهامات.

خامسا: ان العدو الصهيوني لم يعد لديه سلاح فاعل سوى ارتكاب المجازر الوحشية بحق المدنيين وهذا السلاح ينعكس سلبا عليه دوليا وانسانيا وقد لاحظنا حجم التفاعل الاعلامي والانساني والدولي  مع الشعب الفلسطيني ولم يعد هذا العدو قادرا على اخفاء جرائمه او تبريرها وعلينا الاستفادة من كل وسائل الاعلام الجديدة لكشف جرائم العدو والوصول الى الرأي العام العالمي.

لقد كرس العدوان على غزة وقدرة المقاومة والشعب الفلسطيني على مقاومته والصمود في وجهه حقائق استراتيجية ومستقبلية جديدة على صعيد الصراع مع العدو الصهيوني وعلينا دراستها بعمق والاستفادة منها على الصعيد المستقبلي فنحن نشهد ولادة انسان عربي جديد في مواجهة العدو الصهيوني وفي مواجهة قوى التخلف والتطرف التي تنتشر في المنطقة والتي يمثل تنظيم "داعش" احد وجوهها الفاضحة والسيئة.

قاسم قصير