لم يكن تقدم مجموعات كبيرة من مسلحي "جبهة النصرة" واعداد من المعارضين السوريين الى بلدة عرسال في اليومن الاخيرين واجتياح مساحات لابأس بها من البلدة والسيطرة عليها محل مفاجأة عند "حزب الله".
واستفاد هؤلاء من مخيمات اللا جئين التي مدتهم بمقاتلين كانوا على تنسيق مع قادة المسلحين الذين نفذوا هذا الهجوم تنفيساً لتحرك وحداتها التي ما زالت في القلمون وتقاتل من هناك الجيش السوري فضلاً عن "حزب الله".
ومن يطلع على رؤية الحزب لمسار ما حدث، يتبين ان قيادة الاخير كانت تدرك منذ البداية ان مجموعات مسلحي المعارضة السورية اضافة الى مقاتلين حضروا من الخارج زائد مسلحين لبنانيين ،انضموا الى هذه الصفوف وصوبوا منذ اشهر عدة على عرسال بغية الامساك بها ، نظرا الى ما تحتله من اهمية جغرافية ومذهبية تساعد في تنفيذ مشروع الجماعات المسلحة والتي تنشط منذ البداية لتحول هذه البلدة "رئة" تتنفس منها عند تعرضها لضغوط وحصار من الجيش السوري.
يعتقد الحزب ان عددا لابأس به من الاهالي وشبانهم في عرسال وقفوا الى جانب المسلحين وفتحوا لهم ديارهم ومراكزهم ووفروا لهم كل عناصر الدعم ، الا ان المجموع الاكبر من اهلها كانوا ولا يزالون مع الجيش والقوى الامنية الرسمية والوقوف الى جانبها.وكان الحزب واضحاً في موقفه من التطورات الاخيرة في عرسال مع تصميمه على دعم المؤسسة العسكرية وعدم الدخول في هذا المعركة وخصوصا في عرسال بسبب الحساسية المذهبية وشرورها التي تطغى على العلاقات بين ابناء هذه المنطقة، ولاسيما بعد اتخاذه سلسلة من الاجراءات الامنية ، تحسبا من اقدام هذه المجموعات نحو بلدات مجاورة لعرسال.
ولا ينفك الحزب منذا بداية الازمة السورية من الاشارة الى خطر الجماعات التكفيرية والتحذير الدائم من مخططاتها الخطرة والتي اتخذت من عرسال موقعا متقدما للمجموعات العسكرية المعارضة التي يشرف على ادارتها، بعدما اتخذتها غرف عمليات ومراكز لوجيستية وصحية لدعم المسلحين في القلمون.
من جهة اخرى يرى مقربون من الحزب ان "تيار المستقبل" لا تتخذ قيادته موقفا وموحدا حيال ما يحصل في عرسال وانعكاس هذا الامر على الجيش ومعنويات وحداته ، ولا سيما ان الرئيس سعد الحريري اعلن عن دعمه الكا مللما تحدده قيادة الجيش وقائده العماد جان قهوجي، على عكس اصوات اكثر من نافرة في هذا الفريق تصدر من بعض النواب والتي تدافع في شكل مباشر وغير مباشر عن تمدد المسلحين والموجة التكفيرية في البلدة. ويعتقد هؤلاء ايضا ان الحديث عن اي مفاوضات مع المسلحين لن تفيد وستضر بمؤسسة الجيش وان لا بديل من الحل الامني.
و تصف جهات من في 8 اذار الموقف الذي اعلنه رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط بـ " الانعطافة الكبيرة" والتي تدل على عمق الخطورة التي قرأها الرجل حيال تنظيم "داعش" وان الكلام الذي اطلقه جاء نتيجة لترجمة ما سمعه من الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله الذي وضعه في صورة مفصلة ازاء ما يحدث عند السلسة الشرقية وتجمعات المسلحين الذين كانوا يتحضرون للانقضاض على عرسال واسرها في قبضاتهم التكفيرية التي نالت من الجيش والقوى الامن الداخلي.
في غضون ذلك يدقق "حزب الله" جيدا في درس عرسال ومع تأكيد عند قيادته وسواها ان المشهد الامني الاخير لن يطوى بسهولة وسط خشية يحذر منها افرقاء في 8 اذار من عدم توفر المظلة السياسية المطلوبة للجيش الذي لا يقصر في بذل التضحيات والاستشهاد.