هل يملك الرئيس امين الجميل حظوظ الوصول الى قصر بعبدا مجددا ؟؟ سؤال بدأ يطرح بعد المعلومات التي سربت من قبل مصادر مطلعة ومفادها ان الرئيس امين الجميل يعتزم ترشيح نفسه رسميا لرئاسة الجمهورية الاسبوع المقبل وتحديدا بعد انتهاء عطلة عيد الفطر ، ووفقا لهذه المصادر فان الرئيس  الجميل يرى أن الوقت بات مناسبا بعد استنفاد محاولات انتخاب الرئيس  على مدى تسع جلسات نيابية ، ان يتقدم الى نادي رؤساء الجمهورية من جديد ، ويمكن إدراجه على لائحة الرئيس التوافقي.
واللافت ان هذه الخطوة المرتقبة للجميل ستأتي بعد لقاءاته الأخيرة برئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط الذي _ وفق المصادر عينها _أوحى له بهذه الخطوة وشجعه عليها لافتتاح الجولة الثانية من المعركة الرئاسية ، تحت عنوان : "جولة البحث عن رئيس توافقي" بعدما انجلت معالم صورة الجولة الأولى الى تبيان ، ان كلاً من رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع ، انعدمت فرص تحقيقهما للحلم الرئاسي المنشود
وبشيء من الألم على واقع الحياة السياسية اللبنانية المعاش ، يمكن القول انه لم يسبق في تاريخ لبنان ان رئيساً سابقا للجمهورية ارجع نفسه الى رتبة  ًمرشح رئاسي ً وكان مجددا  ًمشروع رئيسً  . لكن ما يُسجل للرئيس الجميل انه ، وبعد مرور أكثر من ثلاثين عاماً على انتخابه رئيساً في العام ١٩٨٢ ، ما زال محتفظاً بطموح ودينامية سياسية ،  جعلته على امتداد كل هذه السنوات يواجه ويتجاوز ادق الازمات واصعب الاوقات ولا سيما تلك التي كانت اكثر ايلاماً عندما اغتيل نجله بيار الذي كان يعلق عليه آمالاً كبيرة ، فاستطاع ان يخرج من محنته دون ان يفقد توازنه وموقعه المتقدم في المعادلة اللبنانية.
تعرضت ولاية الرجل لأبشع انواع الهجمات ، حتى ان عهده وصف بأنه من أسوأ العهود الي مرت على لبنان ، وبعد سنوات من النفي نتيجة الضغوط الكبيرة المتأتية من زمن الوصاية السورية ، تمكن ابنه بيار من اعادة البريق الكتائبي ولملمة القواعد الكتائبية مستعيدا الحيوية لدور الحزب  الذي تعرض للكثير من الاختلال في مرحلة معينة.
ماذا بحوزة الرئيس الجميل من نقاط قوة تخوله ان يأمل في تبوء الموقع الاول في الدولة من جديد ؟؟ .. مما لا شك فيه ان خصوم الرئيس الجميل السياسيين لا يمكنهم ان ينكروا عليه حيثيته السياسية والشعبية ، لذلك فانه مصنف من ضمن لائحة المرشحين الأقوياء ، ومقولة ًالمرشح القوي ً 
التي جرى التداول بها في بازار الاستحقاق الرئاسي في الفترة الماضية ، تنطبق بنسبة كبيرة عليه.
عرف عن الجميل انه رجل عنيد وهي صفة كثيرا ما كانت تعقد الامور في معرض الخلاف في وجهات النظر بينه وبين قيادات اخرى في قوى ١٤ آذار ، حيال العديد من الملفات الداخلية . ومن منا لا يذكر ذلك التباين بين خيار الحكومة الحيادية الذي كانت تنادي به معظم أطياف قوى ١٤ آذار ، وخيار حكومة الوحدة والشراكة الوطنية الذي ظل الرئيس الجميل متمسكا به .   غير ان ما يتميز به ، وباعتراف حلفائه ، هو قدرته على المحاورة وخصوصا مع الطرف الخصم ، ففي عز ايام الانقسام  وزمن الاصطفاف الحاد بين قوى 8 و 14 آذار،، لم يتخل الرئيس امين الجميل عن سياسة الانفتاح والاعتدال ، ولما كانت ذروة الخلاف مع حزب الله بسبب تدخل الاخير في الحرب السورية ، لم يتردد في إيفاد سجعان قزي (حينها) الى منطقة الضاحية للتضامن مع أهاليها  عندما كانت تضربهم التفجيرات الإرهابية ،  وبالإضافة الى ذلك يُنظر للرجل انه صاحب مراس كبير وخبرة مكتسبة في إدارة الدولة واستيعاب التناقضات والتوازنات السياسية.
 نقطة اخرى تسجل لصالح الجميل وهي مروحة علاقاته العربية والدولية والتي حصّلها نتيجة  لسنوات حكمه في موقع الرئاسة الاولى ، فليس بالشيء القليل ان تخوله هذه العلاقات ، وفي زمن الربيع العربي ، من ان يدخل وسيطاً ومحاوراً في مصر مع الأقباط والمسلمين، وان تكون له مساهمة في " وثيقة الأزهر" التي خاطبت هواجس ومصالح الاقليات المسيحية في المنطقة وأكدت على "الاعتدال الاسلامي" ودوره .   
في كل الأحوال ، مهما يملك الجميل من نقاط  قوة ، فهو يؤخذ عليه في المقابل في الكثير من القرارات ، ليس اقلها ذاك القرار الشهير بتعيين قائد الجيش في حينه العماد ميشال عون رئيساً للحكومة العسكرية الانتقالية ، وإدخال البلاد في حروب التحرير والإلغاء ، هذه الحروب التي أدت فيما بعد الى اتفاق الطائف الذي قلّص من صلاحيات الرئيس الماروني ، ووصلت الامور في رأي البعض الى ما نحن عليه اليوم
 ختاما .. الايام المقبلة وحدها كفيلة بكشف صوابية قرار الرئيس الجميل بالترشح للرئاسة الاولى مرة ثانية _ في حال  تأكد اتخاذه لهذا القرار _ خصوصا وان مجيء رئيس الجمهورية العتيد في لبنان ، ما كان يوما في الماضي مرتبطا بنقاط القوة والضعف ،  بقدر ما هو مرتبط بمواقف الأقطاب إقليميا وبالتسويات في المنطقة ، فكيف بنا اذا كنا في حالةٍ  كحالة المنطقةراهناً..