أسباب عديدة تدفع صانعي السياسة في المملكة العربية السعودية إلى القلق والتوتر، أبرزها تواجد مقاتلي "الدولة الإسلامية" على الحدود الشمالية للمملكة.

 

فالتنظيم الإرهابي الذي أعلن "الخلافة"، وعين إبراهيم البدري خليفة، لا ينفك يعلن عن طموحات جغرافية واسعة، والخرائط التي تتناقلها مواقع التواصل الاجتماعي، وتزعم نسبتها إلى تنظيمه، تظهر شبه الجزيرة العربية وتركيا وشمال إفريقيا، وصولا إلى إسبانيا، وتركيا، وشرقا إلى الهند وباكستان وصولا إلى أندونيسيا، تحت حكم الرايات السوداء.

 

إلا أن ما مر بيسر في العراق، من انسحاب للقوات العراقية قبل وصول مقاتلي الدولة الإسلامية المعروفة بداعش، من المرجح ألا يتم في الدول المجاورة، خصوصا مع إعلان المملكة العربية السعودية حشد 30 ألف جندي على حدودها مع العراق تحسباً لأي تقدم محتمل لداعش باتجاه الأراضي السعودية.

 

وأعلن الأردن أيضا حشد قواته على الحدود العراقية الأردنية. وكذا فعلت إيران التي أعلنت حشد قواتها على الحدود العراقية، وتحديدا على الحدود مع محافظة ديالى.

 

ووصل مسلحو داعش إلى بلدة "الرطبة"، التي تبعد حوالي 70 ميلا، أي ما يقارب 112 كيلومترا فقط عن الحدود مع كل من الأردن والسعودية، ومنفذ طريبيل الحدودي.

 

وسبق للسعودية أن أغلقت تلك الحدود عام 1990، إبان الغزو العراقي للكويت.

 

وإذا ما استطاعت داعش اختراق الحدود، فالهدف الأول سيكون على الأرجح مدينة عرعر السعودية، التي تحوي تجمعا كبيرا للقوات المسلحة السعودية.

 

ويخشى المتابعون أن تكون السعودية هدفا سهلا لداعش، بل أكثر سهولة حتى من تقدمهم في العراق. فأيديولوجية داعش المتشددة تلقى صدى لدى بعض أفراد المجتمع السعودي المحافظ، الذين يعتنقون الفكر الوهابي.

 

ويشير تقرير نشره موقع فوكاتيف الأميركي إلى أن ما وصفه بـ"انتشار الفساد الواسع النطاق في السعودية"، قد يمهد الطريق لاختراق داعش للبلاد.

 

ويضيف التقرير المذكور أن "المملكة العربية السعودية، على عكس العراق، 90 في المئة من سكانها هم من السنة. في حين أن المقاومة العراقية المتنامية لداعش تأتي إلى حد كبير من خلال الميليشيات الشيعية، التي تضم حتى الآن فصائل من جيش المهدي، ومن المقاتلين الشيعة العائدين من سورية للدفاع عن بلادهم ضد التمرد السني".

 

وكان شريط فيديو يصور مجموعة من الشباب السعوديين وهم يمزقون جواز سفر سعوديا، ويضعون بطاقة الهوية تحت أقدامهم، وهم مسلحون برشاشات الكلاشينكوف قد أثار الجدل على مواقع التواصل

 

وانتشر هاشتاغ #الدولة_الإسلامية_على_حدود_السعودية، الذي غرد فيه الآلاف، دعما لداعش، ولما أسموه "الخلافة".

وتوعد المغردون على هذا الهاشتاغ باقتحام حدود السعودية والسيطرة عليها.

 

وبلغ بأحد المغردين أن قال إن داعش ليست على حدود السعودية، بل في داخلها، ونشر صورة تظهر رجلا ملثما يحمل علم داعش مكتوب عليه ولاية حائل.

 

إلا أن العديد من الناشطين السعوديين تصدوا لهذا الهاشتاغ، بالتغريد على هاشتاغ #الجيش_السعودي، متوعدين من يحاول النيل من أمن المملكة بأن الجيش السعودي سيلقنهم درسا لن ينسوه.

 

وغرد حساب "أخبار القوات السعودية" ردا على ما قيل أنه توزيع مناشير تحريضية ضد الحكم السعودي، وتحاول الترويج لحكم البغدادي.

 

وكان مركز "ركين" قام باستطلاع لآراء السعوديين حول داعش ووجد أن 76 في المئة من المستطلعين قد شعروا بالسعادة لسقوط المحافظات العراقية في يد داعش، وقال 45 بالمئة إن قيم داعش متوافقة مع قيم الشريعة الإسلامية.

 

وفي تحليل الاستطلاع، إنما بالفئات العمرية، نـشرت صحيفة الحياة اللندنية تقريرا ذكرت فيه أن 92 في المئة يرون داعش موافقة لقيم الإسلام والشريعة الإسلامية فيما صوّت 71 في المئة على أنه "لا يوجد هناك فرق بين الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة".

 

 وأعلنت حملة السكينة التي تعمل بإشراف وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد على موقعها الإلكتروني عن اعتزامها  تنفيذ استطلاع علمي لقياس مدى تعاطف الشارع السعودي مع داعش. ورفض مدير الحملة عبد المنعم المشوح نتائج تقرير ركين، ناعتا أياه بالمبالغة وعدم الدقة.

 

وتصدى الكثير من العلماء لحالة التضامن مع داعش، فأصدر مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ فتوى قال فيها إن داعش والقاعدة جماعات لا خير فيها، مشددا على ضرورة التصدي لها.

 

وأخيرا، هل تنجح داعش في اختراق السعودية، أم أن للمجتمع الدولي، والجيش السعودي رأي آخر؟ 

غسان بودياب

المصدر: راديو سوا