مرة أخرى وفي شهر تموز، تتضح الصورة ويزول الالتباس، ويعود العدو الصهيوني ليؤكد لنا أنه هو العدو الأول والأساس لنا كعرب وكمسلمين وكأحرار في العالم، ففي تموز 2006 شن العدو الصهيوني عدوانه على لبنان فدمر الحجر والبشر، وارتكب المجازر بحق الأبرياء والآمنين من النساء والأطفال والشيوخ، وسقط أكثر من 1200 شهيد وآلاف الجرحى، لكن المقاومة الإسلامية انتصرت وتوحدت خلفها الأمة من أقصاها إلى أقصاها.

واليوم في تموز 2014 يشن العدو الصهيوني عدواناً جديداً على غزة وفلسطين كلها، ويسقط مئات الشهداء وآلاف الجرحى وتدمر المنازل والمستشفيات والمساجد والمدارس على رؤوس أصحابها، وتنتهك حقوق الإنسان بأبشع صورها.

لكن رغم كل الآلام والتضحيات فإن المقاومة الإسلامية والوطنية تبقى قوية وستنتصر إن شاء الله.

ولا يقتصر دور المقاومة في فلسطين على مقاومة العدو وإفشال خططه، بل أنها توحدنا مجدداً.

وتعيدنا حرب غزة اليوم إلى المسألة البديهية، إن العدو الصهيوني هو العدو الأول والأخير، وأن كل الصراعات الطائفية والمذهبية والقومية والسلطوية والجهوية الأخرى هي صراعات هامشية وأن هدفها تحويل الأنظار عن العدو الصهيوني الذي يريد اقتلاعنا من الوجود.

وحتى الآن أدى العدوان على غزة وكل فلسطين إلى إعادة الحرارة إلى خطوط التواصل بين كل قوى المقاومة، ويبدو أن الأيام المقبلة ستشهد المزيد من التنسيق والتعاون بين هذه القوى، وستتراجع الإشكالات التي بررت خلال السنوات الأخيرة.

كما كشفت الأحداث بوضوح من يقف إلى جانب العدو ومن يقف إلى جانب المقاومة، وأن لا خيار لنا في مواجهة هذا العدو سوى المقاومة المسلحة المدعومة شعبياً وسياسياَ وإعلامياً.

ورغم أن الحرب لم تنته حتى كتابة هذه السطور، فإن هناك عدة نتائج لهذا العدوان ولصمود المقاومين والشعب الفلسطيني ومنها:

1- إن الجيش الصهيوني لم يعد قادراً على حسم أية معركة عسكرية وهو أعجز من أن يواجه المقاومين مباشرة فيلجأ للقتل والتدمير.

2- إن قوى المقاومة وبالإمكانيات القليلة نجحت في توجيه ضربات قاسية للكيان الصهيوني وشل العديد من مرافقه ومؤسساته وخصوصاً مطار بن غوريون.

3- إن الدول الكبرى وخصوصاً أميركا وبريطانيا وفرنسا تقف بالمطلق إلى جانب العدو الصهيوني وحتى انها تبرر عدوانه وجرائمه.

4- إن مواجهة العدو الصهيوني هي الأولوية ولذا يجب وقف كل الصراعات الأخرى ويجب إعادة تحديد الأولويات والتوقف عن الغرق في الصراعات الداخلية.

5- في موازاة العدوان الصهيوني هناك من يعمل لتعرية المنطقة من الوجود المسيحي (ما تقوم به داعش في الموصل كنموذج) وهذا العمل يخدم هذا العدو ويعطيه المبرر لكيانه الاستيطاني والعنصري.

6- إن وقف الظلم وإقامة الأنظمة الديمقراطية والعادلة هي الخيار الوحيد لتوحيد الصفوف إلى جانب العمل لدعم المقاومة والشعب الفلسطيني، وبالتالي يجب المسارعة في إنجاز المصالحات والتسويات السياسية في كل المنطقة من أجل إعادة الأولوية للصراع مع العدو الصهيوني.

7- لا يزال في الأمة قوى وحركات وتيارات شعبية قادرة على توحيد جهودها لمواجهة العدو الصهيوني ولإعادة الاعتبار للدين الإسلامي باعتباره دين التوحيد والرحمة وما جرى في إسطنبول من إطلاق مبادرة للعلماء المسلمين من أجل نشر السلم والاعتدال ومواجهة العنف والتطرف نموذج مهم.

وأخيراً نحن أمام فرصة جديدة لإعادة قراءة التطورات والمتغيرات بوعي، وإن دماء الشهداء والأطفال والنساء ومشاهد الدمار والقتل يجب أن توقظ فينا هذا الوعي الحقيقي لنعود إلى الصراط المستقيم.