يسود العالم العربي والإسلامي اليوم حال من التوتر والترقب والحذر مما ستؤول إليه أوضاع عدد كبير من دولهما جراء التطورات المتتالية والمتلاحقة وآخرها ما حصل في العراق وأعاد خلط الأوراق السياسية في المنطقة من جديد.

ومما يزيد الأوضاع ضياعاً فضلاً عنها تأزماً هو تداخل وتشابك المصالح المحلية مع الإقليمية والدولية وعدم قدرة أي طرف بعينه الإمساك بزمام الأوضاع التي باتت تفلت من أيدي اللاعبين بشكل دراماتيكي.. وربما غير محسوب.

الأنكى من ذلك هو تقاذف كرة المسؤولية عما يجري بين جهة محلية وأخرى ودولة إقليمية وأخرى ومحور دولي وآخر، بحيث بات المواطن العربي والإسلامي لا يعرف حقيقة ما يحصل ولا يدري من المسؤول عما يجري في دوله وبلاده وأي مستقبل ينتظر مصيره بعد كل هذه الفوضى التي تجتاج حاضره ومستقبله وتبدد إمكاناته في حروب عبثية لا طائل منها.

والخطير والذي ليس لخطره خطراً أكبر هو تجذر الانقسام المذهبي داخل المجتمعات العربي ودخول الجميع في آتون جحيمها الجهنمي الذي بدأ يأكل كل إمكاناتنا ويحول بلادنا ودولنا إلى محارق للموارد المادية والبشرية على حدٍ سواء.

لا ندري في الحقيقة أين ذهبت تلك الآمال التي علقت على الثورات العربية، تلك الثورات التي أملنا أن تنقلنا من حال التسلط والتخلف والجهل إلى ساحات الحرية والنور والأمل الواعد بمستقبل أفضل وأرقى...

لا شك إن ما يحصل اليوم هو محبط على كل المستويات لا بل هو أكثر من محبط هو خطير لأنه نقل الصراع الذي كان عنوانه مقارعة ومقاومة الاستكبار إلى صراع داخلي مذهبي قبلي لا نعرف إلى أي مدى سينحدر مع تقدم الوقت وتقادم الزمن وتقاذف المسؤوليات.

للأسف ما أفرزته الثورات العربية هو أخطر ما يمكن أن تفرزه ثورة في العالم.. وكأن هذه الثورات كان لها مهمة واحدة وفريدة هي فتح أبواب جهنم على العالم العربي والإسلامي وإعادة هذا العالم إلى كهوف التخلف والعصبية والجهل بعد أن وعدنا أنفسنا وعالمنا بأننا أمام فرصة تاريخية لإعادة الدخول إلى العوامل الحضارية المتألقة.. وبين هذا الحلم والواقع مساحات مستطيلة من التكفيريين الذين إن حكموا بلادنا فسوف نبكي على وضع أزلناه بثوراتنا الواعدة.