بعد نحو عشرة أيام على العدوان الاسرائيلي الذي حصد حتى اليوم نحو 1800 فلسطيني بين شهيد وجريح, وتهدمت بسببه وتضررت آلاف المنازل, لا تزال حركة “حماس” تتاجر بدم أبرياء غزة وترفض مبادرات وقف إطلاق النار. لا تفسير لموقف هذه الحركة ومعها بضع جماعات ممن يسمون أنفسهم “مقاومة” إلا تحقيق الاهداف الاسرائيلية في تصفية القضية الفلسطينية من خلال جعلها صندوق بريد لرسائل إقليمية في مسار التسويات الذي لا ينتهي شرق أوسطيا. فهل استطاعت “حماس” التي جلبت الحصار الى قطاع غزة طوال السنوات السبع الماضية ان تحقق الاهداف المسماة وطنية؟ هل عمّرت المنازل المهدمة أم ان مساحة الهدم آخذة بالزيادة جراء الغارات الاسرائيلية اليومية على القطاع ردا على إطلاق بضعة صواريخ محلية الصنع لم تستطع حتى اليوم ان تسقط من الاسرائيليين عشرة في المئة من الخسائر التي تكبدها الفلسطينيون؟ فإلى متى يبقى الفلسطيني الاعزل المغلوب على أمره يدفع ثمن سياسات بعض الدول, وبخاصة إيران التي تزعم أنها تقود ما يسمى”محور المقاومة”, وهي لم تخض حربا واحدة لا مع “الشيطان الاكبر”(الولايات المتحدة) ولا “الشيطان الاصغر”(اسرائيل), بل قاتلتهما باللبنانيين والسوريين والعراقيين والفلسطينيين, بينما مسؤولوها يجتمعون في عواصم العالم مع المسؤولين الأميركيين ليعقدوا صفقات بدماء العرب؟ عندما آُعلنت حكومة المصالحة الوطنية الفلسطينية استبشر الجميع خيرا بقرب الخروج من نفق حصار غزة وإنهاء القمع الاسرائيلي الممارس على الضفة الغربية, رغم تهديدات تل أبيب ونتانياهو بتخريبها, لكن الرهان كان على ان الوحدة الفلسطينية تشكل حصنا قويا في مواجهة تلك التهديدات, وان تجربة السنوات السبع المريرة يمكن ان تكون أوصلت قادة “حماس” الى الرشاد, غير ان الرعونة التي يتصرف بها هؤلاء جعلت كل الرهانات على المصالحة تخسر, بسبب سعيهم المقصود الى تحقيق الاهداف الاسرائيلية ما يثير علامات شك كبيرة حول سلوكهم السياسي والعسكري الذي يوحي أنهم طابور خامس اسرائيلي بين الفلسطينيين. من المؤسف ان منذ العام 1948 هناك فلسطينيون يتسببون بالمزيد من الخسائر لقضيتهم, اذ طوال العقود الماضية كانوا يرفضون أي حلول تطرح, ويسعون بشتى الطرق الى ضرب وحدة الصف العربي حيال مأساتهم, مرة تحت عنوان »جبهة القوى الرافضة للحلول السلمية«, واخرى بعنوان »الصمود والتصدي« وثالثة »جبهة المعارضة داخل منظمة التحرير« واليوم بعنوان »معسكر المقاومة والممانعة«, فهل يعتقد هؤلاء ان أسلحتهم البدائية ستتغلب على الاسلحة الحديثة التي تستخدمها اسرائيل ـ سمّها محتلة او كيانا غاصبا او ما تريد ـ لكنها شئنا أم أبينا دولة موجودة, لا حلول للقضية من دونها, وبالتالي آن للفلسطينيين التخلص من الاوهام والتفكير مليا بالفائدة التي تقدمها لهم المبادرة المصرية, بدل انتظارهم أوامر منظرهم خالد مشعل المقيم في قطر, يتمتع بما لذ وطاب من الافطارات, ويمارس ترف الرياضة لتخفيف وزنه وتصغير كرشه, بينما أطفال غزة يقتلون بالعشرات. /