يكاد المشهد يتكرر في غزة التي يبدو أنها قد تركت كما المرات السابقة وحيدةً أمام الآلة العسكرية الصهيونية. وكلنا يتذكر عام 1982 عندما غزت إسرائيل لبنان وكان العالم العربي آنذاك مشدوداً إلى نهائيات كأس العالم في إسبانيا وتركت بيروت تتألم وتعاني وحدها، وهو المشهد ذاته اليوم، غزة تحترق والعالم العربي مشغوفٌ بكأس العالم الجارية في البرازيل فيما إسرائيل تواصل حربها المدمرة التي تهدف من ورائها حكومة العدو الى تحقيق أهدافٍ منها:

1-ضرب المصالحة الوطنية الفلسطينية وإعادة خلط الأوراق في المنطقة.

2- كسب المزيد من الشعبية بعد ما باتت حكومة نتنياهو مهددة بالتفكك في ظل الخلافات القائمة بين مكوناتها.

3- السيطرة على المداخل البحرية لغزة حيث كشفت مصادر إعلامية غربية عن وجود كميات كبيرة من النفط والغاز في تلك المنطقة.

4- فرض مزيد من الشروط الإسرائيلية على الفلسطينيين إذا ما استؤنفت المفاوضات.

هذه الأهداف تسعى حكومة العدو الى العمل على تحقيقها بلغة النار، غير أن المفاجأة الإسرائيلية بدت كبيرة على الإسرائيليين الذين لم يكونوا يتوقعون حجم الرد من قبل فصائل المقاومة وما تملكه المقاومة من صواريخ طالت مناطق محظورة لم تصل إليها سابقاً. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على فشلٍ إستخباراتيٍ إسرائيلي سوف يؤدي في نهاية المطاف الى نتائج وخيمة على المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية.

ورغم إستمرار الغارات الإسرائيلية التي ترمي أطناناً من الصواريخ إلا أن هذا الأسلوب لن يغير من شكل المواجهة الأمر الذي سيدفع الإسرائيلين الى الهجوم البري إذ يبدو أن الأمور بدأت تتدحرج نحو القيام بشن عملية برية محدودة تعويضاً عن الفشل الذريع الجوي.

كل هذا يجري والعالم العربي في سباتٍ عميق من بيان جامعة الدول العربية الخجول الى مواقف بعض الدول الخليجية التي ترى في العدوان على غزة فرصة للتخلص من حماس كونها فصيل من الإخوان المسلمين وقد تناست هذه الدول ان من يدفع الثمن الشعب الفلسطيني الأعزل الذي يواجه الصهاينة بوسائل بدائية.

وغداً تنتهي الحرب ثم تأتي هذه الأنظمة لتتصدق ببعض فتات الأموال والتبرعات وتخرج من جيبها مرةً جديدة مبادرة السلام العربية العقيمة مع إسرائيل.