عادت جبهة القلمون لتشغل الرأي العام اللبناني مع معلومات عن كمائن يعدها مسلحو المعارضة السورية المتمركزون بشكل أساسي في المنطقة الجردية على الحدود اللبنانية - السورية في البقاع، لعناصر حزب الله الذين يتولون المهمات الأساسية في المنطقة ككل بعد سقوطها بأيديهم وعناصر الجيش السوري النظامي في أبريل (نيسان) الماضي.
وقال الناشط السوري المعارض في منطقة القلمون، عامر القلموني إن «الثوار يركزون بالوقت الحالي على توجيه ضربات للحواجز الثابتة التي يشرف عليها عناصر حزب الله، وينسحبون بعدها تلقائيا}، لافتا إلى أن «الظروف الحالية لا تحتمل السيطرة على مناطق بالكامل والدخول في معارك كبيرة}.
وأوضح القلموني في تصريح لـ{الشرق الأوسط} أن «مسلحي المعارضة نفذوا كمينا لعناصر حزب الله في المنطقة الجردية لـ(عسال الورد) الخميس الماضي خلال عملية التفاف كانوا ينفذونها، ما أدّى لمقتل 7 من عناصر الحزب ووقوع عدد آخر من الجرحى}. وقال: «هناك عدد من هذه الجثث في قبضة الثوار وجثث أخرى لا تزال في الجبال}.
وأشار القلموني إلى أن العمليات القائمة حاليا في القلمون هي عمليات «كر وفر}، موضحا أن أعدادا كبيرة من الثوار تتمركز في المنطقة الحدودية الجردية وتتعرض بشكل يومي لأكثر من 10 غارات تنفذها طائرات الميغ والمروحيات العسكرية.
وكانت معلومات صحافية تحدثت في وقت سابق عن أن حزب الله يقوم بمفاوضات غير مباشرة عبر وسطاء من اللجان الشعبية مع عناصر من مسلحي المعارضة السورية من أجل الإفراج عن جثث مقاتلين للحزب سقطوا خلال المعارك في رنكوس وعسال الورد وقارة والمعرة، مقابل مبالغ مالية.
ونفى مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن وجود معلومات دقيقة حول هذا الموضوع، لافتا إلى وجود «جثة واحدة غير مكتملة لدى قوات المعارضة بالإضافة إلى عدد من جثث مقاتلي اللجان الشعبية}.
وأوضح عبد الرحمن في تصريح لـ{الشرق الأوسط} عن تنفيذ مقاتلي المعارضة «عمليات نوعية مستهدفين آليات وحواجز لحزب الله وعناصر الجيش السوري}، إلا أنّه لفت في المقابل إلى «عملية واسعة يتحضر الحزب لشنها على القواعد الخلفية للمقاتلين الموجودين في جرود القلمون وفي منطقة الزبداني}.
وتنتشر حواجز ثابتة داخل بلدات القلمون وعلى أطرافها منذ سقوط المنطقة بأيدي حزب الله والجيش السوري، ويوجد فيها عناصر من اللجان الشعبية وبعض عناصر الجيش، ولكن حزب الله هو من يتولى قيادتها وكل العمليات في المنطقة، كما يؤكد ناشطون معارضون.
وتشير مصادر مقربة من حزب الله إلى أن عناصر الحزب ما زالوا موجودين في الميادين القديمة، أي التي دخلوها قبل نحو عامين، ولم ينتقلوا إلى ميادين جديدة، لافتة إلى قيام عناصره حاليا بـ«عمليات عسكرية هادئة لمهاجمة وتنظيف جيوب المسلحين في منطقة القلمون وخاصة في المنطقة الجردية المتاخمة لبلدة عرسال اللبنانية في البقاع}.
وعن وجود جثث لعناصر الحزب يجري التفاوض مع مقاتلي المعارضة لاستعادتها، أشارت المصادر في تصريح لـ{الشرق الأوسط} إلى وجود «جثتين أو 3 لعناصر سقطوا قبل أشهر أثناء معارك القلمون التي كانت محتدمة في وقتها}، واصفة المعلومات التي تشير إلى أعداد أكبر وعن معارك قائمة بالقلمون بـ«المضخمة والمغايرة للحقيقة}.
وكانت تقارير إعلامية تحدثت عن ظهور مسلح لحزب الله في منطقة البقاع شرقي لبنان الأسبوع الماضي، فيما جرى التداول بمقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يُظهر عددا من الآليات العسكرية المحملة بأسلحة ثقيلة وبعدد من عناصر الحزب تجوب شارعا رئيسا تحت أنظار السكان.
وأشارت معلومات صحافية إلى «تحريك الحزب عددا كبيرا من الآليات والمدافع وراجمات الصواريخ في وضح النهار في مناطق اللبوة والعين وغيرهما من المناطق المتاخمة للحدود مع سوريا في السلسلة الشرقية}.
وانتقد نواب تيار «المستقبل} بشدة ما سموه بـ«العرض العسكري} الذي نفذه حزب الله مطالبين الحكومة بموقف واضح من خطوات مماثلة.
وعد النائب في تيار «المستقبل} عاصم عراجي أن هناك هدفين أساسيين للعرض العسكري الذي نفذه حزب الله، الأول «محاولة إثبات وجوده للقول لجمهوره إنّه حاضر وبقوة في المنطقة وقادر على صد أي هجوم بإشارة لما تعرضت له مناطق عراقية أخيرا}.
وقال عراجي لـ{الشرق الأوسط}: «أما الهدف الثاني فتوجيه رسالة للحكومة بأنّه يبقى الطرف الآمر الناهي فيها وفي البلد بشكل عام}. وطالب الحكومة بسؤال وزراء حزب الله عن سبب العرض العسكري وأهدافه، منبها من أن استمرار الحزب بممارسات مماثلة قد يزيد من الاحتقان القائم ويستدعي ردات فعل من أطراف أخرى.
وكان صاروخان سقطا مساء يوم الجمعة الماضي على أطراف بلدة بريتال شرقا، مصدرهما السلسلة الشرقية. وسقط الصاروخ الأول غرب الطريق الدولية وطاولت شظاياه المنازل القريبة من دون تسجيل إصابات، فيما سقط الصاروخ الثاني شرق الطريق الدولية في منطقة غير مأهولة.
وتبنت في وقت سابق مجموعات سورية معارضة مختلفة عمليات إطلاق صواريخ على بلدات لبنانية تعد معاقل لحزب الله ردا على مشاركة عناصر الحزب بالحرب السورية منذ أكثر من عامين ونصف.

بولا أسطيح