في مثل هذه اللحظة في 12 تموز 2005 أنقذت العناية الإلهية نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الوطني السابق الياس المر من جريمة تفجير سيارة مفخخة في موكبه في أنطلياس.

يوم 12 تموز 2005، كان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الوطني السابق الياس المر يمضي فصل الصيف في منطقة حالات (قضاء جبيل) مع عائلته على البحر، من دون أي مواكبة.

يومها أصرّ إبن المر البالغ من العمر في حينه نحو 9 أعوام على مرافقته إلى المكتب، فجلس في المقعد الأمامي فيما قاد المر سيارته وجلس مرافقه، أمين المر، في الخلف. مع وصول العقيد الياس البيسري (اصبح عميداً)، طلب المر من إبنه الترجّل والعودة، فجلس العقيد مكانه.

ولدى وصول السيارة إلى مفرق أنطلياس تحت الجسر، طلب العقيد البيسري من المر التوجّه صعوداً، فسأله عن السبب، أجابه أنّه رأى شخصاً على الجسر ولم يعجبه شكله. فطلب منه المر الكفّ عن التوهّم وأكمل طريقه وراء بطريركية الأرمن على طريق النقاش القديمة التي كان يسلكها يوميّاً. وعندما "لفّ"المر كوع"pointure" وفيما كان يصعد، رأى سيارة "باجيرو" حمراء مركونة جانباً، لكنّ مؤخّرتها تميل قليلاً إلى الطريق. وعندما أصبحت مقدّمة السيارة وبابها في موازاة باب ومقدّمة سيارة "الباجيرو" المفخّخة، دوّى الانفجار.

في لحظة الانفجار، لم يسمع المر شيئاً، ولم يفقد وعيه، وشعر أنّ السيارة "تزحط" على الطريق، لكنّها عمليّاً لم تكن "تزحط"، بل قوّة الانفجار دفعتها80  متراً إلى الأمام. وإذا بعجلات السيارة خرقت الزفت وتوقفت في أرضها. في هذه اللحظة سمع المر صوتاً رهيباً كانفجار وفتحت كلّ أكياس الهواء، وتصاعد دخان أبيض وغطّت النار الموقع.

عندها التفت المر إلى العقيد البيسري فوجده قد طار من مقعده إلى أحضانه. اعتقد أنّه استُشهد لأنّ الدم كان يغطيه ولا يحرّك ساكناً. ثم التفت إلى مرافقه أمين المر فاعتقد أيضاً أنّه استُشهد لأنّ رأسه كان مفتوحاً إلى قسمين وعينه "طايرة" والدم يغطيه وفاقد الوعي. وهنا اشتعلت النيران في السيارة. حاول المر الخروج وفتح الباب بيده اليسرى، فرأى أنّها مكسورة ومحترقة. حاول إعادة البيسري إلى كرسيّه، لم يستطع بيده اليمنى لأنّها مكسورة أيضاً. حاول أن يشدّ بقدمه اليسرى، لم يستطع لأنّها كانت مصابة واللحم تطاير منها. بقيت قدمه اليمنى مصابة لكن ليس بحجم الإصابات الأخرى.فأخرج رأسه وكتفه من النافذة، ووضع قدمه على جزء من "تابلو" السيارة ورمى بنفسه خارجها. فارتمى أرضاً وبمقدار ما كان حجم الانفجار وحرارة الزفت، احترق جسمه لأنّ الزفت كان سائلاً مثل المياه الساخنة. وفيما كان ينهض، شاهد المر شخصاً مهرولاً يرتدي قميصاً أسود وسروالاً أسود، وحده والشارع فارغ، "فشختُه" متر ونصف، قفز فوق سور منزل نحو الشمال وأسرع مُتّجها إلى الحرش، وكان ينظر إليه غير أنّ المر لم يعرفه في تلك اللحظة. ولكنّه كان الشخص الوحيد الذي كان يرتدي ثياباً سُوداً موضع شكّ.

حاول المر أن يجرّ نفسه ليصل إلى أوّل مفرق ويستوقف سيارة، مرّت سيارة أولى فيها عائلة لم تعرفه لأنّ الدم كان يغطيه، وتابعت طريقها. مرّت سيارة أخرى فيها طفل، ولم يُعره أصحابُها اهتماماً ولم تتوقف، حتى مرّت سيارة ثالثة تقودها الصيدلانية السيّدة موني الشمّاس فتوقّفت وأدخلت المر السيارة من دون أن تتعرف إليه. وقد طلب منها الاتصال بالصليب الأحمر والدفاع المدني لأنّ معه رفيقين في السيارة وهي تحترق وقد استشهدا ويجب سحب جثتيهما. ثم طلب المر منها الإسراع لأنّه شعر أنّ "روحه عم تطلع" وكان حجم الألم كبيراً جداً. فتوقفت لتستعين بدركيّ حتى يسهّل فتح الطريق لأنّها كانت مقفلة نتيجة الانفجار. وهنا كشف المر هويته وطلب من الشماس أن تقول للدركيّ إنّه الياس المر، وعندما علمت بذلك، صعد الدركيّ في السيارة وأمّن فتح السير حتى وصل إلى المستشفى.