إذا نظرنا الى روسيا القيصرية  نرى ان اكبر محطمي القياصرة  في روسيا هم اليهود وكان على رأسهم:” كرينسكي وتروتسكي وزينوفيف ورادك اليهود، وكان للمذهب اليهودي الأمريكي والفدائيين اليهود من الروس أوفر نصيب في تحطيم القيصرية وتمكين الشيوعيين في روسيا كما تبين فيما بعد.

وبعد هزيمة المانيا في الحرب العالمية الأولى كان معظم الوفد الألماني في مؤتمر الصلح من اليهود، وكذلك معظم القابضين على أزمة المانيا، وكان شيفر للمالية وهاز للخارجية. وكان وزراء بروسيا جميعاً يهودياً، وحاكم بافاريا يهودياً. وكان القابض على الحكم في المجر بيلاكين اليهودي واسمه أصلاً "كوهين".

ولهذا النفوذ اليهودي في روسيا من جانب، والدومل الديموقراطية بريطانيا وأمريكا وفرنسا… من جانب آخر أمكن التفاهم بين الجانبين ضد هتلر وهزيمة المانيا في الحرب العالمية الثانية، بعد أن كانت روسيا مع هتلر أولاً. والى هذا النفوذ يرجع اجتماع أمريكا وروسيا معاً ـ في وجهة النظر ـ على الاعتراف بدولة إسرائيل واليه يرجع خذلان الأمم جميعاً لمصر في موقفها أمام بريطانيا في مسألة مرور السفن البريطانية في قناة السويس أخيراً، لن انتصار بريطانيا من مصلحة اليهود الذين أضرهم احتفاظ مصر بحقها في قناة السويس ومقاطعتها إسرائيل مع أن حق مصر القانوني واضح كالشمس.

وموقف تركيا منذ انقلاب "أتاتورك" تجاه العرب واليهود لا يفسره إلا نفوذ اليهود في تركيا، فلو بقيت الخلافة العثمانية ـ رغم ضعفها ـ قائمة لما أمكن قيام وطن يهودي في فلسطين، فنكب اليهود تركيا لذلك بتسليط بريطانيا عليها أثناء الحرب العالمية الأولى، وكادت بريطانيا تعقد الصلح مع تركيا أثناءها، ولكن اليهود عطلوه بزعامة ويزمان رئيس إسرائيل ـ كما ذكر هو في مذكراته ـ وبمساعدة بعض النساء فهم الذين حالوا دون الصلح بينهما، حتى تخرب تركيا وتنحل خلافتها وتمتد حاجة بريطانيا بشدة إلى اليهود. كما كان لهم نصيب كبير في إلغاء الخلافة، وكان أحد الثلاثة الذين سلموا الخليفة قرار العزل يهودياً. وكان لنفوذهم أكبر الأثر في طرح تركيا دينها الإسلامي وقوانينها الإسلامي وقوانينها الإسلامية ومحاربة اللغة العربية والتبرؤ من صلاتها بالعرب. لأن اليهود ولا سيما "الدونمة" في سلانيك ـ وغيرها ـ وهم يهود يتظاهرون بالإسلام ـ هم الداعون إلى الجامعة الطورانية للتخلص من الإسلام واللغة العربية وصلة الترك بالعرب، وكان لذلك أثره في أن اصطبغ بهذه الألوان حكم مصطفى كمال الملقب أتاتورك. وقد كان فيه عرق من "الدونمة".

وكان حاخام اليهود حايم ناحوم افندي هناك، وهو الذي فتح لليهود يومئذ باب الهجرة إلى تركيا ليكونوا بالقرب من فلسطين ثم صار مبعوث مصطفى كمال إلى مؤتمر لوزان ثم عينه حاخاماً لليهود في مصر. وما اشتجر خلاف في الأعوام الأخيرة بين العرب وإسرائيل إلا كانت تركيا مع اسرائيل، فهي تعترف بها وتصوت معها في هيئة الأمم وتمدها بالأسلحة وتجمع لها الأقوات. والعبرة في العلاقات لا سيما الدولية بالمصالح غالباً لا بأي شيء آخر، وإن مصلحة تركيا في تأييد اليهود أكبر من مصلحتنا في تأييد العرب والمسؤول عن ذلك ساسة العرب والترك.

وإذن فأي دولة صغرى أو عظمى كأمريكا أو روسيا أو فرنسا أو بريطانيا لا تستطاع محاربتها بأسهل مما يحارب به نفوذ هذه الدولة اليهودية؟ واذا كان المعيار لقوى دولة ما هو نفوذها، فأي دولة اقوى نفوذاً من اليهودية؟.

أن قيام مثل هذه الدولة على هذا النحو الغريب لا يكلفها مثلاً الانفاق على جيش كبير لحمايتها، ولا يعرضها لكوارث الطبيعة ولا لغارات جيوش الاعداء لأنها مشتتة موزعة في كل انحاء العالم.

ليس لهذه الدولة إقليم معين في العالم، لكنها تمتد إلى كل أقطاره، فحيث يقوم نشاط يهودي تقوم دولتهم، والاستعمار لم يجن من الخير لأي دولة استعمارية، ولم يحمها من شرور المستعمرين وغيرهم ما اجنى للدولة اليهودية استعمارها العالم على هذا النحو الغريب، وليست العبرة في الاستعمار بكثرة الجيوش والأساطيل، بل بالتسلط الاقتصادي والفكري والسياسي، وهو مكفول لليهودية فهم من أعظم سادة العالم بنفوذهم لا شك. وبهذا يقاس خطرهم. ولا يقاس بدولة إسرائيل معزولة عن قوة اليهود العالمية. ولا بمضاعفة إسرائيل على هذا النحو ألف ضعف.

فان قوة اليهود ونفوذهم العالمي منذ انشاء دولة الكيان العبري استطاعوا حماية دولتهم الاصطناعية  بكل الوسائل وتحيدها من كل العقوبات الدولية بل اضحى التنافس العالمي الودي بين الدول الكبرى لحماية امن ومصالح اسرائيل ،والدليل اتفاق النووي الايراني مع الغرب وتسليم السلاح الكيماوي السوري من خلال التوافق الغربي والأمريكي والروسي على حماية البنت المدللة عالميا.

د.خالد ممدوح العزي.