ولدت في عام 1982 في الكويت التي غادرها أهلي قبل حرب عام 1990 (الغزو العراقي). عدت مع عائلتي إلى مدينة الزرقاء الأردنية، المدينة التي كانوا نزحوا إليها في عام 1967 من الضفة الغربية.

والدي كان «مستشيخاً» ومؤيداً لجماعة الاخوان المسلمين، لكن تأثيره فينا أنا وأخوتي لم يكن كبيراً. والدتي هي من كان لها الأثر الأكبر في دفعي إلى الجهاد، فهي كانت تتابع ما يتعرض له المسلمون من ظلم في العراق وفي غيره من البلدان، وكانت تُحب أبو مصعب الزرقاوي، ولطالما أشعرتني بضرورة الألتحاق بـ»المجاهدين».

محاولتي الأولى كانت في عام 2006، وكانت الوجهة في حينها العراق. جرى ذلك في أعقاب مقتل الشيخ أبو مصعب الزرقاوي. في حينها التقينا نحن مجـــموعة من الشبان من مدينة الزرقاء، اتفقنا وقمنا بالاتصال بجـــماعة أردنية تـــقاتل في العراق رتبت لنا الخروج. وفي الليلة التي كان من المفترض أن نخرج فيها، جاء الأمن الأردني الذي كان يراقب هواتفنا وألقى القبض علينا جميعاً. لم أكن يوماً سلفياً في مظهري على رغم أنني محسوب في الزرقاء على «السلفية الجـــهادية». والدتي وشــقيقي أيضاً ليسا ســـلفيين في مظهرهما. والدتي منحازة للتيار عاطفياً، وشقيقي متأثر بها. وهذه العاطفة هي ما راحت تحرضني على الذهاب الى سورية عند بدء الثورة فيها.

وبعد أشهر من العمل في الإغاثة مع اللاجئين وفي تهريب المواد الغذائية الى درعا، علمنا من السلفيين في الأردن أن «القاعدة» أرسلت من العراق مجموعة من ناشطيها وأمرائها الأردنيين بهدف تنظيم التطوع فيها والعمل على استقدام أردنيين الى «الجهاد». كان معظم هؤلاء ممن كانوا يقاتلون الى جانب الزرقاوي في العراق واستمروا هناك بعد مقتله، وأبرزهم مصطفى صالح عبداللطيف (أبو أنس الصحابة) واياد الطوباسي (أبو جليبيب)، وهما ما زالا حتى اليوم أميري «النصرة» في الشام وفي درعا.

بدأنا بترتيب الخروج الى سورية عبر التواصل بين مجموعات «جهادية» في الزرقاء وبين «الأمراء» الأردنيين القادمين إلى درعا من العراق. كان أبو جليبيب هو صلة الوصل بين المجموعتين، وكان أيضاً أقرباء لأبو مصعب الزرقاوي يتولون المهمة في الزرقاء.

بدأ مهربون يعملون على نقل الشباب، وفي كل إسبوع تقريباً كانت تخرج مجموعة أو مجموعتين. في هذا الوقت شعرت بأنني مراقب، خصوصاً أنني كنت مستمراً في عملي الإغاثي الى جانب التواصل مع مجموعات الداخل والمساعدة في تهريب الشباب إلى درعا.

قررت أن أسارع في الخروج الى سورية استباقاً لاحتمال توقيفي من قبل الأمن.

التحقت بـ «جبهة النصرة» وفي حينها لم يكن الإنقسام قد حصل. كانت «النصرة» في سورية هي نفسها «الدولة» في العراق. وفي البداية تم عزلنا لفترة نحو اسبوع للتأكد من خلونا من المخبرين. جاءت تزكيتنا من الأمراء الأردنيين في «الجبهة»، وتم توزيعنا على المناطق بهدف تدريبنا. وكان المسؤول العسكري لـ «النصرة» في جنوب سورية هو الأردني أبو حارث الحياري الذي كان يرفض ارسال غير المتدربين الى الجبهات، وكان يعتبر أن هؤلاء سيشكلون عبئاً على المقاتلين في حال أرسلوا قبل أن يتدربوا. في أواخر عام 2012 لم يكن عدد الأردنيين في صفوف النصرة يتجاوز الـ500 مقاتل.

بدأنا التدرب على استعمال الأسلحة في مناطق مختلفة ومنها بصرى الحرير ودرعا، الى أن صار في إمكاننا القتال فوزعنا على الجبهات. وفي أحد أيام القتال حاصرنا الجيش النظامي السوري في منطقة قريبة من الحدود الأردنية، فما كان علينا إلا تسليم أنفسنا للجيش الأردني تجنباً لأسرنا من قبل الجيش السوري. وهذا ما حصل، حيث بقيت في السجن في الأردن مدة شهرين أخلي سبيلي بعدها.

اليوم لم أعد من مؤيدي «النصرة» على رغم قتالي في صفوفها. أرى أنهم شباب مجاهدون وهم على خير، لكنهم أخطأوا في عدم إطاعة الأمير، وهو هنا أبو بكر البغدادي. لا بل راحوا يشوهون وجه «الدولة» ويتحدثون عن أخطائها على نحو علني. وقد تناهى مؤخراً الى مسامعي أن عدداً كبيراً من مقاتلي «النصرة» ومن أمرائها هم بصدد إجراء مراجعة والعودة عن خطئهم ومبايعة أبو بكر.

معظم من أعرفهم من شباب التيار صاروا اليوم من مؤيدي «الدولة»، وكثيرون يتوجهون للإلتحاق بالقتال عبر تركيا بدلاً من الحدود الأردنية - السورية. وأنا من جهتي لن أتردد في الإلتحاق عندما يُتاح لي ذلك مجدداً، لكن هذه المرة بـ «الدولة» لا بـ «الجبهة».