الجنرال قاسم سليماني، قائد "فيلق القدس" في إيران، الذي ينسب إليه الدور الرئيسي في مساعدة القوات العراقية على وقف زحف المقاتلين الإسلاميين المتطرفين، عسكري في الظل يعمل بسرية كبيرة.

ومن المواجهات التي خاضها مع القوات الأميركية في العراق، إلى الأدوار التي لعبها في النزاعين السوري والعراقي، اكتسب الجنرال سليماني (57 عاماً) الذي نادراً ما يتم التقاط صور له، لقب أقوى مسؤول أمني في الشرق الأوسط.

وساعد سليماني في الأعوام الثلاثة الأخيرة الرئيس السوري بشار الأسد على قلب المكاسب التي حققها المقاتلون الإسلاميون في سوريا، بعدما بدا أن النظام السوري على وشك الانهيار، وذلك لأن سوريا تشكل نقطة أساسية في محور طهران ـ بغداد ـ دمشق ـ بيروت، في مواجهة نفوذ القوى الغربية في المنطقة.

واليوم، تشير تقارير إعلامية عدة إلى أن الجنرال سليماني موجود في العراق لدعم رئيس الوزراء نوري المالكي، حيث ينازع الجيش العراقي لصد الهجوم الكاسح الذي يشنه مقاتلون متطرفون منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، ونجحوا خلاله في احتلال مناطق واسعة.

ويقود هؤلاء المقاتلين تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي أعلن الأحد الماضي "قيام الخلافة الإسلامية" وبايع زعيمه أبو بكر البغدادي "خليفة للمسلمين".

وبحسب التفاصيل النادرة عن سيرته، فإن سليماني انضم إلى الجيش الإيراني في 1980، في بداية الحرب مع العراق التي أوقعت ما بين مليون ومليون ونصف قتيل من الجانبين على مدى ثمانية أعوام، ثم أُرسل إلى الحدود الأفغانية لمكافحة تهريب المخدرات.

وفي العام 1998، عُين قائداً لـ"فيلق القدس"، وحدة النخبة المكلفة عمليات سرية في الخارج، والتابعة للحرس الثوري الإيراني. واتهمت الولايات المتحدة سليماني في 2008 بتدريب الميليشيات الشيعية لمحاربة قوات التحالف الدولي في العراق.

وتقول إسرائيل من جهتها إن "فيلق القدس" يقف وراء الهجمات ضد إسرائيليين في صيف 2012.

ووصف المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله السيد علي خامنئي في 2005، الجنرال سليماني الذي يكرس نفسه لحماية الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بأنه "شهيد حي".

وخلال احدى اطلالاته النادرة جداً، كشف سليماني، صاحب اللحية الرمادية الكثة، في كانون الثاني/يناير 2012، عن مدى تمدد نفوذه. وقال في خطاب أوردته وسائل إعلام إيرانية، "إيران متواجدة في جنوب لبنان والعراق. بالواقع هاتان المنطقتان متأثرتان إلى حد ما بعقيدة وأعمال الجمهورية الإسلامية"، قبل أن تقر طهران بإرسال مستشارين عسكريين لمساعدة النظام السوري في مواجهة مقاتلي المعارضة المسلحة.

وفي شباط/فبراير الماضي، اعتبر الجنرال سليماني أنه "لا بلد أو قوة باستثناء إيران، قادر على قيادة العالم الإسلامي اليوم (...)، نظراً لدعم إيران للحركات الثورية والإسلامية والمقاتلين، وكذلك دفاعها عن المسلمين من المعتدلين".

ويقول مصدر دبلوماسي لوكالة "فرانس برس" إن الجنرال سليماني "يعرف سوريا وكأنه ولد فيها، ويعرف جيداً العراق أيضاً". وأضاف "إنه يحظى أيضاً باحترام شديد من قبل عناصر فيلق القدس بفضل مسيرته وجاذبيته".

وعزز العراق وإيران العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية بعيد سقوط نظام صدام حسين في 2003، وكان سليماني أحد أبرز الأطراف التي ساهمت في ذلك.

وفي العام 2010، وفيما كان العراق يغرق في الفوضى السياسية بعد الانتخابات التشريعية، أشارت معلومات إلى أن الجنرال الإيراني نظم اجتماعاً في قم، المدينة المقدسة الشيعية، التي تبعد نحو 140 كلم جنوب طهران.

وفي ذلك الاجتماع، وافق الزعيم الشيعي مقتدى الصدر على دعم ترشيح المالكي لرئاسة الحكومة.

وبحسب وسائل إعلام، فإن هذا الاتفاق كرس عملياً تحول السلطة السياسية العراقية من الولايات المتحدة نحو إيران، خصوصاً بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق نهاية 2011.

وكان نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الخدمات صالح المطلك قال في 2011 حيال سليماني إن "كل الأشخاص المهمين في العراق، يذهبون لرؤيته".

وفي السنة نفسها، قال مسؤول أميركي كبير رداً على أسئلة صحيفة "الغارديان" البريطانية، "لا أحد كان يعرف من هو سوزي، والأمر مشابه بالنسبة له. كان في كل مكان، لكن من دون أن يظهر مرة". ويشير المسؤول بذلك إلى فيلم بعنوان "ذي يوجوال ساسبكت" يتحدث عن شخصية، باسم كيسر سوزي.

ونقلت صحيفة "نيويوركر" الأميركية عن مسؤول عراقي العام الماضي، قوله إن سليماني وجه رسالة إلى القياديين الأميركيين في العراق بعد انتهاء حرب 2006 في لبنان مع إسرائيل، وفي فترة تراجعت فيها أعمال العنف في بغداد، قال فيها "اتمنى أن تكونوا قد نعمتم بالسلام والهدوء في بغداد. لقد كنت مشغولاً في بيروت".