لا انتخابات رئاسية في المدى المنظور لأنها أسيرة تعقيداتٍ داخلية إقليمية ودولية متعددة ومتشعبة، فعلى الصعيد الداخلي يبدو حتى الآن ان كلا الفريقين 14 و 8 قادرٌ على التعطيل إذا لم يحقق شروطه السياسية في هذا الموضوع. وليس عند أيٍ من الطرفين قدرة على حسم الموضوع وفق النسب المتقاربة في عدد النواب، فيما بات يعرف بتأمين نصاب الثلثين، والمؤشر المؤكد على ذلك موقف الوزير وليد جنبلاط الذي يستطيع بكتلته الدفع باتجاه الحسم لأنه يصر على تشريح النائب هنري حلو لمنصب الرئاسة. كما يؤشر ذلك الى أمرين: الأول عدم القدرة على الحسم الداخلي والثاني معطيات جنبلاط الدولية التي تشير إليه بأن ساعة الحسم لم تقترب كي "يكوع" على عادته ويحسب حصته على البيدر. أما على الصعيد الإقليمي فإن تقدم داعش في العراق أعاد خلط الأوراق مجدداً على عكس المشهد السوري الذي بات مريحاً للنظام نوعاً ما، لكن السعودية وحلفاءها استطاعوا برد لكمات موجعة في العراق الأمر الذي بات يتطلب وقتاً إضافياً لانجلاء الأمور، وهذا المحور السعودي الخليجي في العراق وسوريا ولبنان يأمل بإرساء استاتيكو جديد عسكري وسياسي في العراق يرسي قاعدة توازنٍ جديدة، بعدها يتم البحث والتوافق على الإستحقاق الرئاسي الداخلي وتطلق صفارة البدء فيه.

أما في لبنان، فقد ازدادت الأمور تعقيداً بسبب التدخل الداعشي المباشر عبر إعادة خلط الأوراق الأمنية الداخلية، أما في السياسة فقد جاء اقتراح العماد عون ودعوته الى ان تكون الإنتخابات الرئاسية هي من قبل الشعب ليشعل الساحة بردات الفعل العنيفة من قبل الفريق الآخر الذي اعتبر في هذه الدعوة إنقلاباً على الطائف وأنها محاولةٌ لذر الرماد في العيون، وإطالة أمد الأزمة الرئاسية ويرى هذا الفريق ان دعوة عون لم تحرك المياه الرئاسية الراكدة بل زادها تعكيراً وهي دعسةٌ ناقصةٌ جديدة زادت في ابتعاد عون عن قصر بعبدا.

إزاء كل هذه المعطيات فالأزمة الرئاسية في لبنان مرشحة لمزيدٍ من التفاقم على وقع الزلازل الأمنية المحيطة به التي بدأت ارتداداها تصيبه ومن يدري ماذا تخبىء لنا الأيام القادمة وماذا ينتظرنا من مفاجآتٍ ليست في الحسبان؟