طرح رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" ميشال عون تعديل الدستور وتعديل آلية انتخاب رئيس الجمهورية والنواب، قد يشكل صدمة للوهلة الأولى، لكن قراءته بهدوء تدفع الى الاعتراف بأن النظام اللبناني أثبت فشله وان الدستور لا يسمح لهذه التركيبة بإجراء الاستحقاقات بطريقة منظمة تصب في هدف حسن سير الحياة الديموقراطية في لبنان. أكثر من ذلك، يجب التأكيد ان قانون الانتخاب النيابي أيضاً، أثبت فشله حيال حسن التمثيل. هذه نقاط مهمة، وربما أيضاً طرح فكرة الاقتراع الشعبي المباشر التي يمكن النقاش فيها، ليس بالطريقة التي طرحت بها بل بطريقة تسمح للبنانيين بأن يساهموا في تغيير الواقع، مع توفير ما يبدد هواجس المسيحيين. فقد أصبح واضحاً ان الصيغة أقيمت شكلاً لإزالة مخاوف المجموعات الطائفية وهواجسها، لكن تطبيقها أظهر العكس من غايتها، إذ ما زالت الهواجس قائمة، والمذهبية ما زالت تحكم وتتحكم غالباً في النصوص. ولعل تعديلاً معيناً، يمكن ان يسمح بمواجهة هذه الهواجس لإزالتها.

النقاش الدستوري والهجمة على النظام أمران مبرران ومطلوبان، لكن السؤال الذي لا بد منه: هل هو التوقيت الملائم؟ اليوم نحن أمام شغور رئاسي والجميع بات يعلم أسبابه، واذا لم يتمكن السياسيون من الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية، فهل يقدرون، وسط خلافاتهم، على تعديل النظام أو الدستور؟ ومن كانت نيته تعطيل البلاد بالفراغ، هل يمكن ان يكون هدفه تغيير نظام من أجل التقدم والتطور؟ طبعاً لا. ان مشكلة الطرح تكمن أولاً في توقيته. في كل مرة يطرح مشروع قانون الانتخابات النيابية عندما نقترب من موعد إجرائها، فيختلفون ليتم التأجيل والتمديد. وبعد أيام من التمديد يتم تناسي الأمر ولا يفعل أحد شيئاً لتغيير الواقع، أو طرح مشاريع قوانين انتخاب جديدة او مناقشتها بجدية، وهكذا يدفعون البلاد في كل مرة الى فراغ او شغور، ثم يعودون ويتنكرون للتمديد الذي صنعته أيديهم. ولاحقاً يتقدمون بطروح وتعديلات ومشاريع قوانين يعلمون انها لن تبلغ أي مكان، لأن الوقت غير مناسب والنية غير جدية! فهل أصبحت كل هذه الطروح مزايدات ومناورات ومضيعة للوقت؟ يبدو واضحاً ان كل طرف لا يصل الى مبتغاه يلجأ الى المناورات السياسية أمام الرأي العام.
لذلك نقول ان جريمة النواب متمادية لأنهم لم يكترثوا طوال اربعة أعوام لإنتاج قانون انتخابي عادل، ولم يستفيقوا إلا مع اقتراب مهلة نهاية ولاية المجلس النيابي، فجددوا لأنفسهم، ولم يفكروا يوماً في إجراء تعديلات جذرية على النظام، ولا على الدستور، تشكل ضماناً وقائياً لكي لا نواجه فراغاً صنع في لبنان. واليوم تشرق الأفكار الثورية الخلاقة لتأسيس جمهورية جديدة. الجواب الأخير عن الطروح غير الجدية: ليس الوقت مناسباً، ويا ليتكم دائماً حرصاء على المصلحة الوطنية، حرصكم المزعوم والمفاجئ على إجراء الاستحقاقات، ولكن بعد فوات الأوان.